ولا شبهة فيه لمن يقول إن الله شيء ويقول بخلق القرآن، لأن الفاعل بجميع صفاته لا يكون مفعولاً له على أن لفظ شيء اختلص بما يصح أن يخلق بقرينة وخلق، وهذا أوضح دليل لنا على المعتزلة في خلق أفعال العباد ﴿ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً ﴾ فهيأه لما يصلح له بلا خلل فيه كما أنه خلق الإنسان على هذا الشكل الذي تراه فقدره للتكاليف والمصالح المنوطة به في الدين والدنيا أو قدره للبقاء إلى أمد معلوم.
﴿ واتخذوا ﴾ الضمير للكافرين لاندراجهم تحت العالمين أو لدلالة ﴿ نذيراً ﴾ عليهم لأنهم المنذرون ﴿ مِن دُونِهِ ءالِهَةً ﴾ أي الأصنام ﴿ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ﴾ أي أنهم آثروا على عبادة من هو منفرد بالألوهية والملك والخلق والتقدير عبادة عجزة لا يقدرون على خلق شيء وهم يخلقون ﴿ وَلاَ يَمْلِكُونَ لأَِنفُسِهِمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً ﴾ ولا يستطيعون لأنفسهم دفع ضرر عنها ولا جلب نفع إليها ﴿ وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتاً ﴾ إماتة ﴿ ولا حياة ﴾ أي إحياء ﴿ وَلاَ نُشُوراً ﴾ إحياء بعد الموت وجعلها كالعقلاء لزعم عابديها ﴿ وَقَالَ الذين كَفَرُواْ إِنْ هذا ﴾ ما هذا القرآن ﴿ إِلاَّ إِفْكٌ ﴾ كذب ﴿ افتراه ﴾ اختلقه واخترعه محمد من عند نفسه ﴿ وَأعانَهُ عليه قومٌ آخرون ﴾ أي اليهود وعداس ويسار وأبو فكيهة الرومي قاله النضر بن الحارث ﴿ فَقَدْ جَاءوا ظُلْماً وَزُوراً ﴾ هذا إخبار من الله رد للكفرة فيرجع الضمير إلى الكفار وجاء يستعمل في معنى فعل فيعدى تعديتها، أو حذف الجار وأوصل الفعل أي بظلم وزور.
وظلمهم أن جعلوا العربي يتلقن من العجمي الرومي كلاماً عربياً أعجز بفصاحته جميع فصحاء العرب، والزور أن بهتوه بنسبة ما هو بريء منه إليه.