﴿ وَقَالُواْ أساطير الأولين ﴾ أي هو أحاديث المتقدمين وما سطروه كرستم وغيره جمع أسطار وأسطورة كأحدوثة ﴿ اكتتبها ﴾ كتبها لنفسه ﴿ فَهِىَ تملى عَلَيْهِ ﴾ أي تلقى عليه من كتابه ﴿ بُكْرَةً ﴾ أول النهار ﴿ وَأَصِيلاً ﴾ آخره فيحفظ ما يملى عليه ثم يتلوه علينا.
﴿ قُلْ ﴾ يا محمد ﴿ أَنزَلَهُ ﴾ أي القرآن ﴿ الذى يَعْلَمُ السر فِى السماوات والأرض ﴾ أي يعلم كل سر خفي في السماوات والأرض، يعني أن القرآن لما اشتمل على علم الغيوب التي يستحيل عادة أن يعلمها محمد عليه الصلاة والسلام من غير تعليم، دل ذلك على أنه من عند علام الغيوب ﴿ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾ فيمهلهم ولا يعاجلهم بالعقوبة وإن استوجبوها بمكابرتهم ﴿ وَقَالُواْ مَّالِ هذا الرسول ﴾ وقعت اللام في المصحف مفصولة عن الهاء وخط المصحف سنة لا تغير، وتسميتهم إياه بالرسول سخرية منهم كأنهم قالوا : أي شيء لهذا الزاعم إنه رسول ﴿ يَأْكُلُ الطعام وَيَمْشِى فِى الأسواق ﴾ حال والعامل فيها "هذا" ﴿ لَوْلا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً أَوْ يُلْقِى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا ﴾ أي إن صح أنه رسول الله فما باله يأكل الطعام كما نأكل ويتردد في الأسواق لطلب المعاش كما تردد يعنون أنه كان يجب أن يكون ملكاً مستغنياً عن الأكل والتعيش، ثم نزلوا عن ذلك الاقتراح إلى أن يكون إنساناً معه ملك حتى يتساندا في الإنذار والتخويف، ثم نزلوا إلى أن يكون مرفوداً بكنز يلقى إليه من السماء يستظهر به ولا يحتاج إلى تحصيل المعاش، ثم نزلوا إلى أن يكون رجلاً له بستان يأكل هو منه كالمياسير أو نأكل نحن كقراءة علي وحمزة.
وحسن عطف المضارع وهو ﴿ يُلْقِى ﴾ و ﴿ تَكُونُ ﴾ على ﴿ أَنَزلَ ﴾ وهو ماض لدخول المضارع وهو ﴿ فَيَكُونُ ﴾ بينهما وانتصب ﴿ فَيَكُونُ ﴾ على القراءة المشهورة لأنه جواب ﴿ لَوْلاَ ﴾ بمعنى "هلا" وحكمه حكم الاستفهام.