وأراد بالظالمين في قوله ﴿ وَقَالَ الظالمون ﴾ إياهم بأعيانهم غير أنه وضع الظاهر موضع المضمر تسجيلاً عليهم بالظلم فيما قالوا وهم كفار قريش ﴿ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا ﴾ سحر فجن أو ذا سحر وهو الرئة عنوا أنه بشر لا ملك
﴿ انظر كَيْفَ ضَرَبُواْ ﴾ بينوا ﴿ لَكَ الأمثال ﴾ الأشباه أي قالوا فيك تلك الأقوال واخترعوا لك تلك الصفات والأحوال من المفتري والمملي عليه والمسحور ﴿ فُضّلُواْ ﴾ عن الحق ﴿ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً ﴾ فلا يجدون طريقاً إليه.
﴿ تَبَارَكَ الذى إِن شَاء جَعَلَ لَكَ خَيْراً مّن ذلك جنات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً ﴾ أي تكاثر خير الذي إن شاء وهب لك في الدنيا خيراً مما قالوا، وهو أن يعجل لك مثل ما وعدك في الآخرة من الجنات والقصور.
و﴿ جنات ﴾ بدل من ﴿ خيرا ﴾، ﴿ ويجعل ﴾ بالرفع : مكي وشامي وأبو بكر لأن الشرط إذا وقع ماضياً جاز في جزائه الجزم والرفع ﴿ بَلْ كَذَّبُواْ بالساعة ﴾ عطف على ما حكى عنهم يقول : بل أتوا بأعجب من ذلك كله وهو تكذيبهم بالساعة، أو متصل بما يليه كأنه قال : بل كذبوا بالساعة فكيف يلتفتون إلى هذا الجواب وكيف يصدقون بتعجيل مثل ما وعدك في الآخرة وهم لا يؤمنون بها؟ ﴿ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بالساعة سَعِيراً ﴾ وهيأنا للمكذبين بها ناراً شديدة في الاستعار.
﴿ إِذَا رَأَتْهُمْ ﴾ أي النار أي قابلتهم ﴿ مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ ﴾ أي إذا كانت منهم بمرأى الناظرين في البعد ﴿ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً ﴾ أي سمعوا صوت غليانها وشبه ذلك بصوت المتغيظ والزافر، أو إذا رأتهم زبانيتها تغيظوا وزفروا غضباً على الكفار.
﴿ وإِذَا أُلْقُواْ مِنْهَا ﴾ من النار ﴿ مَكَاناً ضَيّقاً ﴾ ﴿ ضيقاً ﴾ مكي فإن الكرب مع الضيق كما أن الروح مع السعة ولذا وصفت الجنة بأن عرضها السماوات والأرض.


الصفحة التالية
Icon