﴿ واتخذوا من دونه آلهة، لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون ؛ ولا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً ؛ ولا يملكون موتاً ولا حياة ولا نشوراً ﴾.
وهكذا يجرد آلهتهم المدعاة من كل خصائص الألوهية فهم ﴿ لا يخلقون شيئاً ﴾ والله خلق كل شيء. ﴿ وهم يخلقون ﴾.. يخلقهم عبادهم بمعنى يصنعونهم إن كانوا أصناماً وأوثاناً ويخلقهم الله بمعنى يوجدهم إن كانوا ملائكة أو جناً أو بشراً أو شجراً أو حجراً.. ﴿ ولا يملكون لأنفسهم ﴾ فضلاً عن أن يملكوا لعبادهم ﴿ ضراً ولا نفعاً ﴾ والذي لا يملك لنفسه النفع قد يسهل عليه الضر. ولكن حتى هذا لا يملكونه. ومن ثم يقدمه في التعبير بوصفه أيسر شيء كان يملكه أحد لنفسه! ثم يرتقي إلى الخصائص التي لا يقدر عليها إلا الله :﴿ ولا يملكون موتاً ولا حياة ولا نشوراً ﴾ فلا إماتة حي، ولا إنشاء حياة، ولا إعادتها داخل في مقدورهم. فماذا لهم بعد ذلك من خصائص الألوهية، وما شبهة أولئك المشركين في اتخاذهم آلهة؟!
ألا إنه الانحراف المطلق، الذي لا يستغرب معه أن يدعوا على الرسول بعد ذلك ما يدعون، فدعواهم على الله أضخم وأقبح من كل ما يدعون على رسوله. وهل أقبح من ادعاء إنسان على الله وهو خالقه وخالق كل شيء، ومدبر أمره ومقدر كل شيء. هل أقبح من ادعاء إنسان أن لله شريكاً؟ " وقد سئل رسول الله ﷺ : أي الذنب أكبر؟ قال : أن تجعل لله أنداداً وهو خلقك... "
وبعد عرض هذا التطاول على مقام الخالق جل وعلا، يعرض تطاولهم على رسول الله ﷺ ويرد عليه عقب عرضه بما يظهر سخفه وكذبه :
﴿ وقال الذين كفروا : إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون. فقد جاءوا ظلماً وزوراً. وقالوا : أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلاً. قل : أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض، إنه كان غفوراً رحيماً ﴾...


الصفحة التالية
Icon