﴿ يَوْمَ يَرَوْنَ الملائكة لاَ بشرى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ ﴾ [ الفرقان : ٢٢ ] فسوف ترونهم رؤيا الفزع والخوف عندما يأتون لقبْض أرواحكم، أو سترونْهَم يوم القيامة يوم يُبشِّرونكم بالعذاب.
يوم يستقبلون المؤمنين :﴿ بُشْرَاكُمُ اليوم جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار ﴾ [ الحديد : ١٢ ] فيستشرف الكفار لسماع هذه الكلمة لكن هيهات ﴿ لاَ بشرى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ ﴾ [ الفرقان : ٢٢ ] فيمنعون عنهم هذه الكلمة المحبّبة التي ينتظرونها، ويقابلونهم بكلمة أخرى تناسبهم.
يقولون لهم :﴿ حِجْراً مَّحْجُوراً ﴾ [ الفرقان : ٢٢ ] والحِجْر : المنع، ومنه : نحجر على فلان يعني : نمنعه من التصرُّف. وقديماً كانوا يقولون في دفع الشر : حِجْراً محجوراً يعني : منعاً، ومثل ذلك ما نسمعهم يقولون إذا ذُكِرَ الجن : حابس حابس يعني : ابتعد عني لا تقربني.
ثم يقول الحق سبحانه :﴿ وَقَدِمْنَآ إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً ﴾
حين تنظر في غير المؤمنين تجد من بينهم أهلاً للخير وعمل المعروف، ومنهم أصحاب مَلَكات طيِّبة، كالذين اجتمعوا في حلف الفضول لنصْرة المظلوم، وكأهل الكرم وإطعام الطعام، ومنهم مَنْ كانت له قِدْر عظيمة استظلْ رسول الله في ظلها يوم حر قائظ، وهذا يعني أنها كانت كبيرة واسعة منصوبة وثابتة كالبناء، كان يُطْعم منها الفقراء والمساكين، وحتى الطير والوحوش، وما زِلْنا حتى الآن نضرب المثل في الكرم بحاتم الطائي. وكان منهم مَنْ يصل الرحم ويغيث الملهوف.. الخ.
لكن هؤلاء وأمثالهم عملوا لجاه الدنيا، ولم يكُنْ في بالهم إله يبتغون مرضاته، والعامل يأخذ أجْره ممَّنْ عمل له، كما جاء في الحديث القدسي :" فعلت ليقال، وقد قيل ".