وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ وإِذا رأوكَ إِن يتَّخذونكَ ﴾
أي : ما يتخذونك ﴿ إِلا هُزُواً ﴾ أي : مهزوءاً به.
ثم ذكر ما يقولون من الاستهزاء ﴿ أهذا الذي بَعَثَ اللّهُ رسولاً إِن كاد ليُضِلُّنَا عن آلهتنا ﴾ أي : ليصرفنا عن عبادة آلهتنا ﴿ لولا أن صَبَرْنَا عليها ﴾ أي : على عبادتها ؛ قال الله تعالى :﴿ وسوف يعلمون حين يَرَوْن العذابَ ﴾ في الآخرة ﴿ مَنْ أَضَلُّ ﴾ أي : مَنْ أَخطأُ طريقاً عن الهدى، أهم، أم المؤمنون.
ثم عجَّب نبيَّه من جهلهم حين عبدوا ما دعاهم إِليه الهوى، فقال :﴿ أرأيتَ من اتخذ إِلهه هواه ﴾ قال ابن عباس : كان أحدهم يعبد الحجر، فإذا رأى ما هو أحسن منه رمى به وعبد الآخَر.
وقال قتادة : هو الكافر لا يهوى شيئاً إِلا ركبه.
وقال ابن قتيبة : المعنى : يتَّبع هواه ويدع الحقَّ، فهو له كالإِله.
قوله تعالى :﴿ أفأنتَ تكونُ عليه وكيلاً ﴾ أي : حفيظا يحفظه من اتِّباع هواه.
وزعم الكلبي أن هذه الآية منسوخة بآية القتال.
قوله تعالى :﴿ أم تَحْسَبُ أنَّ أكثرهم يَسمعون ﴾ يعني أهل مكة ؛ والمراد : يسمعون سماع طالب الإِفهام ﴿ أو يعقلون ﴾ ما يعاينون من الحُجج والأعلام ﴿ إِن هم إِلاّ كالأنعام ﴾ وفي وجه تشبيههم بالأنعام قولان.
أحدهما : أن الأنعام تسمع الصوت ولا تفقه القول.
والثاني : أنه ليس لها همٌّ إِلا المأكل والمشرب.
قوله تعالى :﴿ بل هم أَضَلُّ سبيلاً ﴾ لأن البهائم تهتدي لمراعيها وتنقاد لأربابها وتُقبل على المحسِن إِليها، وهم على خلاف ذلك. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية