وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا (٣٥) ﴾
اللام في قوله :﴿ وَلَقَدْ ءاتَيْنَا موسى الكتاب ﴾ جواب قسم محذوف، أي : والله لقد آتينا موسى التوراة، ذكر سبحانه طرفاً من قصص الأولين تسلية له ﷺ بأن تكذيب قوم أنبياء الله لهم عادة للمشركين بالله، وليس ذلك بخاص بمحمد ﷺ، و ﴿ هارون ﴾ عطف بيان ويجوز : أن ينصب على القطع، و ﴿ وَزِيراً ﴾ المفعول الثاني.
وقيل : حال، والمفعول الثاني معه، والأوّل أولى.
قال الزجاج : الوزير في اللغة الذي يرجع إليه، ويعمل برأيه، والوزر ما يعتصم به، ومنه :﴿ كَلاَّ لاَ وَزَرَ ﴾ [ القيامة : ١١ ].
وقد تقدّم تفسير الوزير في طه، والوزارة لا تنافي النبوة، فقد كان يبعث في الزمن الواحد أنبياء، ويؤمرون بأن يوازر بعضهم بعضاً.
وقد كان هارون في أوّل الأمر وزيراً لموسى، ولاشتراكهما في النبوّة قيل لهما :﴿ اذهبا إِلَى القوم الذين كَذَّبُواْ بئاياتنا ﴾، وهم فرعون وقومه، والآيات هي التسع التي تقدم ذكرها، وإن لم يكونوا قد كذبوا بها عند أمر الله لموسى وهارون بالذهاب بل كان التكذيب بعد ذلك، لكن هذا الماضي بمعنى المستقبل على عادة إخبار الله أي : اذهبا إلى القوم الذين يكذبون بآياتنا.
وقيل : إنما وصفوا بالتكذيب عند الحكاية لرسول الله ﷺ بياناً لعلة استحقاقهم للعذاب.
وقيل : يجوز أن يراد إلى القوم الذين آل حالهم إلى أن كذبوا.
وقيل : إن المراد بوصفهم بالتكذيب عند الإرسال : أنهم كانوا مكذبين للآيات الإلهية، وليس المراد آيات الرسالة.
قال القشيري : وقوله تعالى في موضع آخر :﴿ اذهب إلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طغى ﴾ [ طه : ٢٤ ] لا ينافي هذا لأنهما إذا كانا مأمورين، فكل واحد مأمور.