قال السدّي : هي بئر بأنطاكية قتلوا فيها حبيباً النجار، فنسبوا إليها، وهو صاحب يس الذي قال :﴿ يَاقَوْم اتبعوا المرسلين ﴾ [ ياس : ٢٠ ] وكذا قال مقاتل، وعكرمة، وغيرهما.
وقيل : هم قوم بأذربيجان قتلوا أنبياءهم، فجفت أشجارهم وزروعهم، فماتوا جوعاً وعطشاً.
وقيل : كانوا يعبدون الشجر، وقيل : كانوا يعبدون الأصنام، فأرسل الله إليهم شعيباً، فكذبوه وآذوه.
وقيل : هم قوم أرسل الله إليهم نبياً، فأكلوه، وقيل : هم أصحاب الأخدود.
وقيل : إن الرسّ هي البئر المعطلة التي تقدّم ذكرها، وأصحابها : أهلها.
وقال في الصحاح : والرسّ : اسم بئر كانت لبقية ثمود، وقيل : الرسّ ماء ونخل لبني أسد، وقيل : الثلج المتراكم في الجبال.
والرسّ : اسم واد، ومنه قول زهير :
بكرن بكوراً واستحرن بسحرة... فهنّ لوادي الرسّ كاليد للفم
والرسّ أيضاً : الإصلاح بين الناس، والإفساد بينهم، فهو : من الأضداد.
وقيل : هم أصحاب حنظلة بن صفوان، وهم الذين ابتلاهم الله بالطائر المعروف بالعنقاء ﴿ وَقُرُوناً بَيْنَ ذلك كَثِيراً ﴾ معطوف على ما قبله، والقرون جمع قرن أي : أهل قرون، والقرن مائة سنة، وقيل : مائة وعشرون.
وقيل : القرن أربعون سنة، والإشارة بقوله :﴿ بَيْنَ ذلك ﴾ إلى ما تقدّم ذكره من الأمم.
وقد يذكر الذاكر أشياء مختلفة ثم يشير إليها بذلك.
﴿ وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ الأمثال ﴾ قال الزجاج : أي : وأنذرنا كلا ضربنا لهم الأمثال، وبينا لهم الحجة، ولم نضرب لهم الأمثال الباطلة كما يفعله هؤلاء الكفرة، فجعله منصوباً بفعل مضمر يفسره ما بعده، لأن حذرنا، وذكرنا، وأنذرنا في معنى : ضربنا، ويجوز أن يكون معطوفاً على ما قبله، والتنوين عوض عن المضاف إليه المحذوف، وهو الأمم أي : كل الأمم ضربنا لهم الأمثال أما ﴿ كَلاَّ ﴾ الأخرى : فهي منصوبة بالفعل الذي بعدها، والتتبير : الإهلاك بالعذاب.