قال الزجاج : كل شيء كسرته وفتتته فقد تبرته.
وقال المؤرج، والأخفش : معنى ﴿ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً ﴾ : دمرنا تدميراً، أبدلت التاء والباء من الدال والميم ﴿ وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى القرية التى أُمْطِرَتْ مَطَرَ السوء ﴾ هذه جملة مستأنفة مبينة لمشاهدتهم لآثار هلاك بعض الأمم.
والمعنى : ولقد أتوا أي : مشركو مكة على قرية قوم لوط التي أمطرت مطر السوء، وهو الحجارة أي : هلكت بالحجارة التي أمطروا بها، وانتصاب مطر على المصدرية، أو على أنه مفعول ثانٍ : إذ المعنى : أعطيتها، وأوليتها مطر السوء، أو على أنه نعت مصدر محذوف أي : إمطاراً مثل مطر السوء، وقرأ أبو السموأل " السوء " بضم السين، وقد تقدّم تفسير السوء في براءة ﴿ أَفَلَمْ يَكُونُواْ يَرَوْنَهَا ﴾ الاستفهام للتقريع والتوبيخ ؛ أي : يرون القرية المذكورة عند سفرهم إلى الشام للتجارة، فإنهم يمرّون بها، والفاء للعطف على مقدّر أي : لم يكونوا ينظرون إليها، فلم يكونوا يرونها ﴿ بَلْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً ﴾ أضرب سبحانه عما سبق من عدم رؤيتهم لتلك الآثار إلى عدم رجاء البعث منهم المستلزم لعدم رجائهم للجزاء، ويجوز أن يكون معنى يرجون : يخافون.
﴿ وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً ﴾ أي : ما يتخذونك إلاّ هزؤاً أي : مهزوءاً بك، قصر معاملتهم له على اتخاذهم إياه هزواً، فجواب "إذا" هو ﴿ إِن يَتَّخِذُونَكَ ﴾ وقيل : الجواب محذوف، وهو قالوا : أهذا الذي، وعلى هذا، فتكون جملة ﴿ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ ﴾ معترضة، والأوّل أولى.