وأخرج الطبرانين عن أبي أمامة، قال : قال رسول الله ﷺ :" ما تحت ظل السماء من إله يعبد من دون الله أعظم عند الله من هوى متبع " انتهى محل الغرض من كلام صاحب الدر المنثور.
وإيضاح أقوال العلماء المذكورة في هذه الآية : أن الواجب الذي يلزم العمل به، هو أن يكون جميع أفعال المكلف مطابقة لما أمره به معبوده جل وعلا، فإذا كانت جميع أفعاله تابعة لما يهواه، فقد صرف جميع ما يستحقه عليه خالقه من العبادة والطاعة إلى هواه، وإذن فكونه اتخذ إلهه هواه في غاية الوضوح.
وإذا علمت هذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة، فاعلم أن الله جل وعلا بينه في غير هذا الموضع في قوله :﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتخذ إلهه هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ الله على عِلْمٍ وَخَتَمَ على سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ على بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ الله أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ﴾
[ الجاثية : ٢٣ ] الآية، وقوله تعالى :﴿ أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سواء عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ الله يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ الله عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [ فاطر : ٨ ] الآية.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة :﴿ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً ﴾ : استفهام إنكار فيه معنى النفي.
والمعنى : أن من أضله الله فاتخذ الهه هواه، لا تكون أنت عليه وكيلاً أي حفيظاً تهديه، وتصرف عنه الضلال الذي قدره الله عليه، لأن الهدى بيد الله وحده لا بيدك، والذي عليك إنما هو البلاغ، وقد بلغت.


الصفحة التالية
Icon