وقال الشيخ الشعراوى :
﴿ وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (٤١) ﴾
( إنْ ) نافية بمعنى : ما يتخذونك إلا هُزُواً، ثم ذكر صيغة الاستهزاء :﴿ أهذا الذي بَعَثَ الله رَسُولاً ﴾ [ الفرقان : ٤١ ] وفي موضع آخر قالوا :﴿ أهذا الذي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ ﴾ [ الأنبياء : ٣٦ ] كأنه ﷺ دون هذه المنزلة، وما دام الرسول في نظرهم دون هذه المنزلة فإنهم يريدون شخصاً على مستوى المنزلة، كما قالوا :﴿ لَوْلاَ نُزِّلَ هذا القرآن على رَجُلٍ مِّنَ القريتين عَظِيمٍ ﴾ [ الزخرف : ٣١ ].
ومعنى هذا أنهم مؤمنون بضرورة وجود إله ورسول ومنهج، وكل اعتراضهم أن تكون الرسالة في محمد بالذات.
ثم تناقضون مع أنفسهم، فيقولون :﴿ إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا ﴾
فكيف تستهزئون به وترَوْنه دون مستوى الرسالة، ثم تقولون إنه كاد أنْ يُضلكم عن آلهتكم يعني : قَرُبَ أنْ يُضلّكم عن آلهتكم، مع ما أنتم عليه من التعنّت والعناد؟ هذا دليل وشهادة لرسول الله أنه قويٌّ وأنه على مستوى الرسالة، وأنه لم يدخر وُسْعاً في دعوتكم، حتى كاد أنْ يصرفكم عن آلهتكم.
والدليل على أنهم كانوا يخافون من تأثير رسول الله عليهم قولهم لأتباعهم إذا رأوهم يستمعون للقرآن :﴿ لاَ تَسْمَعُواْ لهذا القرآن والغوا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ﴾ [ فصلت : ٢٦ ] إذن : يريدون أنْ يُشوِّشوا على القرآن لما يعلمون من تأثيره في النفوس، وهم أمة فصاحة وبلاغة، فإنْ سمعوا القرآن فلا بُدَّ أن يُؤثّر في قلوبهم ويجذبهم إليه.


الصفحة التالية
Icon