وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الكتاب ﴾
يريد التوراة.
﴿ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً ﴾ تقدّم في ﴿ طه ﴾ ﴿ فَقُلْنَا اذهبآ ﴾ الخطاب لهما.
وقيل : إنما أمر موسى ﷺ بالذهاب وحده في المعنى.
وهذا بمنزلة قوله :﴿ نَسِيَا حُوتَهُمَا ﴾ [ الكهف : ٦١ ].
وقوله :﴿ يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ ﴾ [ الرحمن : ٢٢ ] وإنما يخرج من أحدهما.
قال النحاس : وهذا مما لا ينبغي أن يجترأ به على كتاب الله تعالى، وقد قال جل وعز :﴿ فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يخشى * قَالاَ رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ أَوْ أَن يطغى * قَالَ لاَ تَخَافَآ إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وأرى فَأْتِيَاهُ فقولا إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ ﴾ [ طه : ٤٥ ٤٧ ] ونظير هذا :﴿ وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ ﴾ [ الرحمن : ٦٢ ].
وقد قال جل ثناؤه :﴿ ثُمَّ أَرْسَلْنَا موسى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا ﴾ [ المؤمنون : ٤٥ ] قال القشيري : وقوله في موضع آخر :﴿ اذهب إلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طغى ﴾ [ طه : ٢٤ ] لا ينافي هذا ؛ لأنهما إذا كانا مأمورين فكل واحد مأمور.
ويجوز أن يقال : أمر موسى أولاً، ثم لما قال :﴿ واجعل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي ﴾ [ طه : ٢٩ ] قال :﴿ اذهبآ إلى فِرْعَوْنَ ﴾ [ طه : ٤٣ ].
﴿ إِلَى القوم الذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا ﴾ يريد فرعون وهامان والقبط.
﴿ فَدَمَّرْنَاهُمْ ﴾ في الكلام إضمار ؛ أي فكذبوهما ﴿ فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيراً ﴾ أي أهلكناهم إهلاكاً.
قوله تعالى :﴿ وَقَوْمَ نُوحٍ ﴾ في نصب "قوم" أربعة أقوال : العطف على الهاء والميم في ﴿ دمَّرْنَاهُمْ ﴾.
الثاني : بمعنى اذكر.
الثالث : بإضمار فعل يفسره ما بعده ؛ والتقدير : وأغرقنا قوم نوح أغرقناهم.
الرابع : أنه منصوب ب ﴿ أَغْرَقْنَاهُمْ ﴾ قاله الفراء.