وأما القسم الثاني : فهو كالماء الذي استعملته الذمية التي تحت الزوج المسلم، أي في غسل حيضها ليحل للزوج غشيانها.
وأما القسم الثالث : فهو كالماء المستعمل في الكرة الثانية والثالثة، والماء المستعمل في تجديد الوضوء، والماء المستعمل في الأغسال المسنونة، فلأصحاب الشافعي في هذين القسمين وجهان : وأما القسم الرابع : فهو كالماء المستعمل في الكرة الرابعة، وفي التبرد والتنظف، فذاك باتفاق أصحاب الشافعي غير مستعمل، وهو طاهر مطهر، أما الماء المستعمل في غسل الثياب، فإذا غسل ثوباً من نجاسة وطهر بغسلة واحدة، يستحب أن يغسله ثلاثاً فالمنفصل في الكرة الثانية والثالثة مطهر على الأصح القسم الثاني : الماء الذي يتغير فنقول الماء إذا تغير، فإما أن يتغير بنفسه أو بغيره، أما الأول فكالمتغير بطول المكث فيجوز الوضوء به، لأنه عليه السلام كان يتوضأ من بئر ( قضاعة ) (١)، وكان ماؤها كأنه نقاعة الحناء، وأما المتغير بسبب غيره فذلك الغير إما أن لا يكون متصلاً به أو يكون متصلاً به.
أما الذي لا يكون متصلاً به فهو كما لو وقع بقرب الماء جيفة فصار الماء منتناً بسببها فهو أيضاً مطهر، وأما إذا تغير بسبب شيء متصل به فذلك المتصل إما أن يكون طاهراً أو نجساً القسم الأول : إذا كان طاهراً فهو إما أن لا يخالطه أو يخالطه، فإن لم يخالطه فهو كالماء المتغير بسبب وقوع الدهن والطيب والعود والعنبر والكافور الصلب فيه وهذا أيضاً مطهر كما لو كان بقرب الماء جيفة، ولأن الطهورية ثبتت بقوله :﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السماء مَاء طَهُوراً﴾ والأصل في الثابت بقاؤه، وأما المتغير بسبب شيء يخالطه، فذلك المخالط إما أن لا يمكن صون الماء عنه أو يمكن، أما الذي لا يمكن فكالمتغير بالتراب والحمأة والأوراق التي تقع فيه والطحلب الذي يتولد فيه، وهذا أيضاً مطهر، لأن الطهورية ثبتت بالآية والاحتراز عن ذلك عسير، فيكون مرفوعاً لقوله :