﴿مَّا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِى الدين مِنْ حَرَجٍ﴾ [ الحج : ٧٨ ] وكذا لو جرى الماء في طريقه على معدن زرنيخ أو نورة أو كحل أو وقع شيء منها فيه أو نبع من معادنها، أما إذا تغير الماء بسبب مخالطة ما يستغني الماء عن جنسه نظر إن كان التغير قليلاً، بحيث لا يضاف الماء إليه بأن وقع فيه زعفران فاصفر قليلاً، أو دقيق فابيض قليلاً، جاز الوضوء به على الصحيح من المذهب، لأنه لم يسلبه إطلاق اسم الماء، وأما إن كان التغير كثيراً فإن استحدث اسماً جديداً كالمرقة لم يجز الوضوء به بالاتفاق، وإن لم يستحدث اسماً جديدا فعند الشافعي لا يجوز الوضوء به، وعند أبي حنيفة يجوز.
حجة الشافعي من وجوه : أحدها : أنه عليه السلام توضأ ثم قال :" هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به " فذلك الوضوء إن كان واقعاً بالماء المتغير وجب أن لا يجوز إلا به، وبالاتفاق ليس الأمر كذلك، فثبت أنه كان بماء غير متغير وهو المطلوب وثانيها : أنه إذا اختلط ماء الورد بالماء ثم توضأ الإنسان به، فيحتمل أن بعض الأعضاء قد انغسل بماء الورد دون الماء، وإذا كان كذلك فقد وقع الشك في حصول الوضوء وكان تيقن الحدث قائماً، والشك لا يعارض اليقين فوجب أن يبقى على الحدث، بخلاف ما إذا كان قليلاً لا يظهر أثره فإنه صار كالمعدوم، أما إذا ظهر أثره علمنا أنه باق فيتوجه ما ذكرناه وثالثها : أن الوضوء تعبد لا يعقل معناه، فإنه لو توضأ بماء الورد لا يصح وضوؤه ولو توضأ بالماء الكدر المتعفن صح وضوؤه.
وما لا يعقل معناه وجب الاقتصار فيه على مورد النص وترك القياس.


الصفحة التالية
Icon