أجاب مالك عن الوجه الأول فقال لا نزاع في أنه يحرم استعمال النجاسة ولكن الجزء القليل من النجاسة المائعة إذا وقع في الماء لم يظهر فيه لونه ولا طعمه ولا رائحته، فلم قلتم إن تلك النجاسة بقيت، ولم لا يجوز أن يقال إنها انقلبت عن صفتها ؟ وتقريره ما قدمناه.
وأما قوله عليه السلام :" لا يبولن أحدكم في الماء الدائم " فلم قلتم إن هذا النهي ليس إلا لما ذكرتموه، بل لعل النهي إنما كان لأنه ربما شربه إنسان وذلك مما ينفر طبعه عنه، وليس الكلام في نفرة الطبع، وأما قوله :" إذا استيقظ أحدكم من منامه فليغسل يده ثلاثاً " فقد أجمعنا على أن هذا الأمر استحباب، فالمرتب عليه كيف يكون أمر إيجاب ثم بتقدير أن يكون أمر إيجاب، فلم قلتم إنه لم يوجه ذلك الإيجاب إلا لما ذكرتموه ؟ وأما قوله عليه السلام :" إذا بلغ الماء قلتين " فقد سبق الكلام عليه، ثم بعد النزول عن كل ما قلناه فهو تمسك بالمفهوم والنصوص التي ذكرناها منطوقة والمنطوق راجح على المفهوم، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon