وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً ﴾
يريد بالجنة مبشراً ونذيراً من النار ؛ وما أرسلناك وكيلاً ولا مسيطراً.
﴿ قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ﴾ يريد على ما جئتكم به من القرآن والوحي.
و﴿ مِن ﴾ للتأكيد.
﴿ إِلاَّ مَن شَآءَ ﴾ لكن من شاء ؛ فهو استثناء منقطع، والمعنى : لكن من شاء ﴿ أَن يَتَّخِذَ إلى رَبِّهِ سَبِيلاً ﴾ بإنفاقه من ماله في سبيل الله فلينفق.
ويجوز أن يكون متصلاً ويقدّر حذف المضاف ؛ التقدير : إلا أجر ﴿ مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إلى رَبِّهِ سَبِيلاً ﴾ باتباع ديني حتى ينال كرامة الدنيا والآخرة.
قوله تعالى :﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الحي الذي لاَ يَمُوتُ ﴾ تقدم معنى التوكل في "آل عمران" وهذه السورة وأنه اعتماد القلب على الله تعالى في كل الأمور، وأن الأسباب وسائط أمر بها من غير اعتماد عليها.
﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ ﴾ أي نزّه الله تعالى عما يصفه هؤلاء الكفار به من الشركاء.
والتسبيح التنزيه، وقد تقدم.
وقيل :﴿ وَسَبِّحْ ﴾ أي صلّ له ؛ وتسمى الصلاة تسبيحاً.
﴿ وكفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً ﴾ أي عليماً فيجازيهم بها.
قوله تعالى :﴿ الذي خَلَقَ السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ استوى عَلَى العرش ﴾ تقدم في الأعراف.
و﴿ الَّذِي ﴾ في موضع خفض نعتاً للحيّ.
وقال :﴿ بَيْنَهُمَا ﴾ ولم يقل بينهن ؛ لأنه أراد الصنفين والنوعين والشيئين ؛ كقول القُطَامِيّ :
ألم يحزنك أن حبال قيس...
وتغلب قد تباينتا انقطاعاً
أراد وحبال تغلب فثنّى، والحبال جمع ؛ لأنه أراد الشيئين والنوعين.
﴿ الرحمن فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً ﴾ قال الزجاج : المعنى فاسأل عنه.
وقد حكى هذا جماعة من أهل اللغة أن الباء تكون بمعنى عن ؛ كما قال تعالى :﴿ سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِع ﴾ [ المعارج : ١ ] وقال الشاعر :


الصفحة التالية
Icon