وفي هذه الجملة تسلية للرسول ووعيد للكافر.
وفي بعض الأخبار كفى بك ظَفراً أن يكون عدوك عاصياً وهي كلمة يراد بها المبالغة تقول : كفى بالعلم جمالاً.
وكفى بالأدب مالاً، أي حسبك لا تحتاج معه إلى غيره لأنه خبير بأحوالهم قادر على مكافأتهم.
ولما أمره بالتوكل والتسبيح وذكر صفة الحياة الدائمة ذكر ما دل على القدرة التامة وهو إيجاد هذا العالم.
وتقدم الكلام في نظير هذا الكلام واحتمل ﴿ الذي ﴾ أن يكون صفة للحي الذي لا يموت.
ويتعين على قراءة زيد بن عليّ ﴿ الرحمن ﴾ بالجر وأما على قراءة الجمهور ﴿ الرحمن ﴾ بالرفع فإنه يحتمل أن يكون ﴿ الذي ﴾ صفة للحي و﴿ الرحمن ﴾ خبر مبتدأ محذوف.
ويحتمل أن يكون ﴿ الذي ﴾ مبتدأ و﴿ الرحمن ﴾ خبره.
وأن يكون ﴿ الذي ﴾ خبر مبتدأ محذوف، و﴿ الرحمن ﴾ صفة له.
أو يكون ﴿ الذي ﴾ منصوباً على إضمار أعني ويجوز على مذهب الأخفش أن يكون ﴿ الرحمن ﴾ مبتدأ.
و﴿ فاسأل ﴾ خبره تخريجه على حد قول الشاعر :
وقائلة خولان فانكح فتاتهم...
وجوزوا أيضاً في ﴿ الرحمن ﴾ أن يكون بدلاً من الضمير المستكن في ﴿ استوى ﴾.
والظاهر تعلق به بقوله ﴿ فاسال ﴾ وبقاء الباء غير مضمنة معنى عن.
و﴿ خبيراً ﴾ من صفات الله كما تقول : لقيت بزيد أسداً ولقيت بزيد البحر، تريد أنه هو الأسد شجاعة، والبحر كرماً.
والمعنى أنه تعالى اللطيف العالم الخبير والمعنى ﴿ فاسأل ﴾ الله الخبير بالأشياء العالم بحقائقها.
وقال ابن عطية : و﴿ خبيراً ﴾ على هذا منصوب إما بوقوع السؤال، وإما على الحال المؤكدة.
كما قال ﴿ وهو الحق مصدقاً ﴾ وليست هذه الحال منتقلة إذا الصفة العلية لا تتغير انتهى.
وبني هذا الإعراب على أنه كما تقول : لو لقيت فلاناً للقيت به البحر كرماً أي لقيت منه.