من ذلك تقدير الملائكة الذين هم أصحاب النار بتسعة عشر وحملة العرش بالثمانية وشهور السنة باثني عشر والسموات السبع وكذا الأرض وكذا القول في عدد الصلوات ومقادير النصب في الزكوات وكذا مقادير الحدود والكفارات فالإقرار بأن كل ما قاله الله تعالى حق هو الدين، وترك البحث عن هذه الأشياء هو الواجب وقد نص عليه تعالى في قوله :
﴿وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيماناً ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلاً﴾ [ المدثر : ٣١ ] ثم قال :﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبّكَ إِلاَّ هُوَ﴾ [ المدثر : ٣١ ] وهذا هو الجواب أيضاً في أنه لم يخلقها في لحظة وهو قادر على ذلك وعن سعيد بن جبير أنه إنما خلقها في ستة أيام وهو يقدر على أن يخلقها في لحظة تعليماً لخلقه الرفق والتثبت، قيل تم خلقها يوم الجمعة فجعلها الله تعالى عيداً للمسلمين.
السؤال الثالث : ما معنى قوله :﴿ثُمَّ استوى عَلَى العرش﴾ ؟ ولا يجوز حمله على الاستيلاء والقدرة، لأن الاستيلاء والقدرة في أوصاف الله لم تزل ولا يصح دخول ( ثم ) فيه والجواب : الاستقرار غير جائز، لأنه يقتضي التغير الذي هو دليل الحدوث، ويقتضي التركيب والبعضية وكل ذلك على الله محال بل المراد ثم خلق العرش ورفعه وهو مستول كقوله تعالى :﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حتى نَعْلَمَ﴾ [ محمد : ٣١ ] فإن المراد حتى يجاهد المجاهدون ونحن بهم عالمون، فإن قيل فعلى هذا التفسير يلزم أن يكون خلق العرش بعد خلق السموات وليس كذلك لقوله تعالى :﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء﴾ [ هود : ٧ ] قلنا : كلمة ( ثم ) ما دخلت على خلق العرش، بل على رفعه على السموات.