قال الخليل : هو من قول الله :﴿ ثُمَّ استوى إِلَى السماء ﴾ [ البقرة : ٢٩ ] قال : فصعدنا إليه، فقال : هل لكم في خبز فطير، ولبن هجير؟ فقلنا : الساعة فارقناه، فقال : سلاماً، فلم ندر ما قال، فقال الأعرابيّ : إنه سالمكم متاركة لا خير فيها ولا شرّ.
قال الخليل : هو من قول الله ﴿ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجاهلون قَالُواْ سَلاَماً ﴾.
﴿ وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبّهِمْ سُجَّداً وقياما ﴾ البيتوتة : هي أن يدركك الليل نمت أو لم تنم.
قال الزجاج : من أدركه الليل، فقد بات، نام أو لم ينم، كما يقال : بات فلان قلقاً، والمعنى يبيتون لربهم سجداً على وجوههم، وقياماً على أقدامهم، ومنه قول امرىء القيس :
فبتنا قياماً عند رأس جوادنا... يزاولنا عن نفسه ونزاوله
﴿ والذين يَقُولُونَ رَبَّنَا اصرف عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً ﴾ أي : هم مع طاعتهم مشفقون وجلون خائفون من عذابه، والغرام : اللازم الدائم، ومنه سمي الغريم لملازمته، ويقال : فلان مغرم بكذا أي : ملازم له مولع به، هذا معناه في كلام العرب، كما ذكره ابن الأعرابي وابن عرفة وغيرهما، ومنه قول الأعشى :
إن يعاقب يكن غراما... وإن يعط جزيلاً فإنه لا يبالي
وقال الزجاج : الغرام أشدّ العذاب.
وقال أبو عبيدة : هو الهلاك.
وقال ابن زيد : الشرّ، وجملة :﴿ إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً ﴾ تعليل لما قبلها، والمخصوص محذوف : أي : هي، وانتصاب ﴿ مستقرًّا ﴾ على الحال، أو التمييز، وكذا ﴿ مقاماً ﴾، قيل : هما مترادفان، وإنما عطف أحدهما على الآخر لاختلاف لفظيهما، وقيل : بل هما مختلفان معنى : فالمستقرّ للعصاة، فإنهم يخرجون، والمقام للكفار، فإنهم يخلدون، وساءت من أفعال الذم كبئست، ويجوز أن يكون هذا من كلام الله سبحانه، ويجوز أن يكون حكاية لكلامهم.