فصل


قال الفخر :
﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا ﴾
اعلم أن قوله :﴿وَعِبَادُ الرحمن﴾ مبتدأ خبره في آخر السورة كأنه قيل وعباد الرحمن الذين هذه صفاتهم أولئك يجزون الغرفة، ويجوز أن يكون خبره ﴿الذين يَمْشُونَ﴾، واعلم أنه سبحانه خص اسم العبودية بالمشتغلين بالعبودية، فدل ذلك على أن هذه الصفة من أشرف صفات المخلوقات، وقرىء ﴿وَعِبَادُ الرحمن﴾ واعلم أنه سبحانه وصفهم بتسعة أنواع من الصفات :
الصفة الأولى : قوله :﴿الذين يَمْشُونَ على الأرض هَوْناً﴾ وهذا وصف سيرتهم بالنهار وقرىء ﴿يَمْشُونَ﴾ ﴿هَوْناً﴾ حال أو صفة للمشي بمعنى هينين أو بمعنى مشياً هيناً، إلا أن في وضع المصدر موضع الصفة مبالغة، والهون الرفق واللين ومنه الحديث " أحبب حبيبك هوناً ما " وقوله :" المؤمنون هينون لينون " والمعنى أن مشيهم يكون في لين وسكينة ووقار وتواضع، ولا يضربون بأقدامهم ( ولا يخفقون بنعالهم ) أشراً وبطراً، ولا يتبخترون لأجل الخيلاء كما قال :﴿وَلاَ تَمْشِ فِى الأرض مَرَحًا﴾ [ الإسراء : ٣٧ ] وعن زيد بن أسلم التمست تفسير ﴿هَوْناً﴾ فلم أجد، فرأيت في النوم فقيل لي هم الذين لا يريدون الفساد في الأرض، وعن ابن زيد لا يتكبرون ولا يتجبرون ولا يريدون علواً في الأرض.


الصفحة التالية
Icon