﴿وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ البسط﴾ [ الإسراء : ٢٩ ] وعن وهيب بن الورد قال لعالم : ما البناء الذي لا سرف فيه ؟ قال : ما سترك عن الشمس وأكنك من المطر، فقال له فما الطعام الذي لا سرف فيه ؟ قال ما سد الجوعة، فقال له في اللباس، قال ما ستر عورتك ووقاك من البرد، وروي أن رجلاً صنع طعاماً في إملاك فأرسل إلى الرسول عليه السلام فقال :" حق فأجيبوا " ثم صنع الثانية فأرسل إليه فقال :" حق فمن شاء فليجب وإلا فليقعد " ثم صنع الثالثة فأرسل إليه فقال :" رياء ولا خير فيه " وثانيها : وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك أن الإسراف الإنفاق في معصية الله تعالى، والإقتار منع حق الله تعالى، قال مجاهد : لو أنفق رجل مثل أبي قبيس ذهباً في طاعة الله تعالى لم يكن سرفاً ولو أنفق صاعاً في معصية الله تعالى كان سرفاً، وقال الحسن لم ينفقوا في معاصي الله ولم يمسكوا عما ينبغي، وذلك قد يكون في الإمساك عن حق الله، وهو أقبح التقتير، وقد يكون عما لا يجب، ولكن يكون مندوباً مثل الرجل الغني الكثير المال إذا منع الفقراء من أقاربه وثالثها : المراد بالسرف مجاوزة الحد في التنعم والتوسع في الدنيا، وإن كان من حلال، فإن ذلك مكروه لأنه يؤدي إلى الخيلاء، والإقتار هو التضييق فالأكل فوق الشبع بحيث يمنع النفس عن العبادة سرف وإن أكل بقدر الحاجة فذاك إقتار، وهذه الصفة صفة أصحاب محمد ﷺ كانوا لا يأكلون طعاماً للتنعم واللذة، ولا يلبسون ثوباً للجمال والزينة، ولكن كانوا يأكلون ما يسد جوعهم ويعينهم على عبادة ربهم، ويلبسون ما يستر عوراتهم ويصونهم من الحر والبرد، وههنا مسألتان :
المسألة الأولى :


الصفحة التالية
Icon