وقال يزيد أيضاً في هذه الآية : أولئك أصحاب محمد ﷺ كانوا لا يأكلون طعاماً للتنعم واللذة، ولا يلبسون ثياباً للجمال، ولكن كانوا يريدون من الطعام ما يسدّ عنهم الجوع ويقوّيهم على عبادة ربهم، ومن اللباس ما يستر عوراتهم ويكنهم من الحرّ والبرد.
وقال عبد الملك بن مروان لعمر بن عبد العزيز حين زوّجه ابنته فاطمة : ما نفقتك؟ فقال له عمر : الحسنة بين سيئتين، ثم تلا هذه الآية.
وقال عمر بن الخطاب : كفى بالمرء سرفاً ألا يشتهي شيئاً إلا اشتراه فأكله.
وفي سنن ابن ماجه عن أنس بن مالك قال قال رسول الله ﷺ :" إن من السرف أن تأكل كل ما اشتهيت " وقال أبو عبيدة : لم يزيدوا على المعروف ولم يبخلوا.
كقوله تعالى :﴿ وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ البسط ﴾ [ الإسراء : ٢٩ ] وقال الشاعر :
ولا تغلُ في شيٍء من الأمر واقتَصَد...
كلاَ طَرَفَيْ قصدِ الأمورِ ذميمُ
وقال آخر :
إذا المرءُ أعطى نفسَه كلَّ ما اشتَهتْ...
ولم يَنْهها تاقت إلى كل باطل
وساقت إليه الإثم والعار بالذي...
دعته إليه من حلاوةِ عاجلِ
وقال عمر لابنه عاصم : يا بنيّ، كل في نصف بطنك ؛ ولا تطرح ثوباً حتى تستخلقه، ولا تكن من قوم يجعلون ما رزقهم الله في بطونهم وعلى ظهورهم.
ولحاتم طيّ :
إذا أنت قد أعطيت بطنك سؤله...
وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا
﴿ وَلَمْ يَقْتُرُواْ ﴾ قرأ حمزة والكسائيّ والأعمش وعاصم ويحيى بن وثاب على اختلاف عنهما ﴿ يَقْتُرُوا ﴾ بفتح الياء وضم التاء، وهي قراءة حسنة ؛ من قتر يقترو.
وهذا القياس في اللازم، مثل قعد يقعد.
وقرأ أبو عمرو بن العلاء وابن كثير بفتح الياء وكسر التاء، وهي لغة معروفة حسنة.
وقرأ أهل المدينة وابن عامر وأبو بكر عن عاصم بضم الياء وكسر التاء.
قال الثعلبي : كلها لغات صحيحة.


الصفحة التالية
Icon