وعن أنس في سنن ابن ماجة قال : قال رسول الله ( ﷺ ) :" إن من السرف أن تأكل ما اشتهيته " وقال الشاعر :
ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد...
كلا طرفي قصد الأمور ذميم
وقال آخر
إذا المرء أعطى نفسه كلما اشتهت...
ولم ينهها تاقت إلى كل باطل
وساقت إليه الإثم والعار بالذي...
دعته إليه من حلاوة عاجل
وقال حاتم
إذا أنت قد أعطيت بطنك سؤله...
وفرج نالا منتهى الذم أجمعا
وقرأ الحسن وطلحة والأعمش وحمزة والكسائي وعاصم : يقترون بفتح الياء وضم التاء ومجاهد وابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء وكسر التاء ونافع، وابن عامر بضم الياء وكسر التاء مشددة وكلها لغات في التضييق.
وأنكر أبو حاتم لغة أقتر رباعياً هنا.
وقال أقتر إذا افتقر.
ومنه ﴿ وعلى المقتر قدره ﴾ وغاب عنه ما حكاه الأصمعي وغيره : من اقتر بمعنى ضيق، والقوام الاعتدال بين الحالتين.
وقرأ حسان بن عبد الرحمن ﴿ قواماً ﴾ بالكسر.
فقيل : هما لغتان بمعنى واحد.
وقيل : بالكسر ما يقام به الشيء يقال : أنت قوامنا بمعنى ما تقام به الحاجة لا يفضل عنها ولا ينقص.
وقيل :﴿ قواماً ﴾ بالكسر مبلغاً وسداداً وملاك حال، و﴿ وبين ذلك ﴾ و﴿ قواماً ﴾ يصح أن يكونا خبرين عند من يجيز تعداد خبر ﴿ كان ﴾ وأن يكون ﴿ بين ﴾ هو الخبر و﴿ قواماً ﴾ حال مؤكدة، وأن يكون ﴿ قواماً ﴾ خبراً و﴿ بين ذلك ﴾ إما معمول لكان على مذهب من يرى أن كان الناقصة تعمل في الظرف، وأن يكون حالاً من ﴿ قواماً ﴾ لأنه لو تأخر لكان صفة، وأجاز الفراء أن يكون ﴿ بين ذلك ﴾ اسم ﴿ كان ﴾ وبُني لإضافته إلى مبني كقوله ﴿ ومن خزي يومئذ ﴾ في قراءة من فتح الميم و﴿ قواماً ﴾ الخبر.
قال الزمخشري : وهو من جهة الإعراب لا بأس به، ولكن المعنى ليس بقوي لأن ما بين الإسراف والتقتير قوام لا محالة فليس في الخبر الذي هو معتمد الفائدة فائدة انتهى.
وصفهم تعالى بالقصد الذي هو بين الغلو والتقصير، وبمثله خوطب الرسول ( ﷺ ) بقوله ﴿ ولا تجعل يدك مغلولة ﴾ الآية. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon