قال القاضي : بين الله تعالى أن المضاعفة والزيادة يكون حالهما في الدوام كحال الأصل، فقوله :﴿وَيَخْلُدْ فِيهِ﴾ أي ويخلد في ذلك التضعيف، ثم إن ذلك التضعيف إنما حصل بسبب العقاب على المعاصي، فوجب أن يكون عقاب هذه المعاصي في حق الكافر دائماً، وإذا كان كذلك وجب أن يكون في حق المؤمن كذلك، لأن حاله فيما يستحق به لا يتغير سواء فعل مع غيره أو منفرداً والجواب : لم لا يجوز أن يكون للإتيان بالشيء مع غيره أثر في مزيد القبح، ألا ترى أن الشيئين قد يكون كل واحد منهما في نفسه حسناً وإن كان الجمع بينهما قبيحاً، وقد يكون كل واحد منهما قبيحاً، ويكون الجمع بينهما أقبح، فكذا ههنا.
المسألة الرابعة :
قوله :﴿وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً﴾ إشارة إلى ما ثبت أن العقاب هو المضرة الخالصة المقرونة بالإذلال والإهانة، كما أن الثواب هو المنفعة الخالصة المقرونة بالتعظيم.
أما قوله تعالى :﴿إِلاَّ مَن تَابَ وَءامَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالحا فَأُوْلَئِكَ يُبَدّلُ الله سَيّئَاتِهِمْ حسنات وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً﴾ ففيه مسائل :
المسألة الأولى :
دلت الآية على أن التوبة مقبولة، والاستثناء لا يدل على ذلك لأنه أثبت أنه يضاعف له العذاب ضعفين، فيكفي لصحة هذا الاستثناء أن لا يضاعف للتائب العذاب ضعفين، وإنما الدال عليه قوله :﴿فَأُوْلَئِكَ يُبَدّلُ الله سَيّئَاتِهِمْ حسنات ﴾.
المسألة الثانية :
نقل عن ابن عباس أنه قال : توبة القاتل غير مقبولة، وزعم أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى :﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً﴾ [ النساء : ٩٣ ] وقالوا نزلت الغليظة بعد اللينة بمدة يسيرة، وعن الضحاك ومقاتل بثمان سنين، وقد تقدم الكلام في ذلك في سورة النساء.
المسألة الثالثة :