وما قيل ان انفلاق البحر كان قوسيا وأنهم خرجوا من الجهة التي دخلوها لا دليل له عليه غير انكار قدرة اللّه لأن القائلين بهذا لا يعترفون بقدرة اللّه ويريدون بقولهم هذا ان البحر انحسر بعادة المد والجزر، فدخلوا فيه من جهة انحساره وخرجوا من نفس الجهة من طرف الانحسار لآخر، قاتلهم اللّه فلو كان كما يقولون لما نجوا من فرعون وقومه، بل لخرجوا معهم لأن المد والجزر يكون من جهة واحدة، وما قيل ان المسالك ثلاثة عشر لا برهان له عليه، ويريد صاحب هذا القول ان لموسى وأخيه مسلكا على حدة، وليس كذلك، لأن موسى في الأسباط لهذا فان ما ذهبنا اليه هو الواقع والموافق لما هو عند أهل الكتاب في كتبهم، ولا نص يكذّبه وجل الآثار والأخبار يشهد بصحته، ومن أصر على الخلاف فعليه الدليل والنقل الصحيح ولا أراه فاعلا واللّه أعلم، قال تعالى "وَأَزْلَفْنا" قربنا "ثَمَّ" هناك في البحر بعد أن شققناه ودخله قوم موسى "الْآخَرِينَ" ٦٤ فرعون
وقومه وأغريناهم بدخوله لتكون الملامة في الظاهر على فرعون، لأنه هو الذي ساقهم إلى هذا واللّه تعالى قد أهلكهم في أزله على هذه الصورة، ولو تقاعسوا عنها لقسرهم عليها، ولكن سبق في الكتاب أن يكونوا مختارين، قالوا إن فرعون أغرى قومه بالدخول وإياه هو، إلا ان حصانه الجأه لأن الخيل أمامه عطف ففسره على اقتحام طريق البحر ليتم مراد اللّه، حتى إذا كمل دخولهم آذن اللّه البحر بالالتئام وقرىء وازلقنا بالقاف وعليه يكون المعنى أذهبنا عزهم قال :
تداركتما عبسا وقد ثل عرشها وذبيان إذ ذلّت بأقدامها النعل


الصفحة التالية
Icon