"قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ" ٧٢ هذه الأصنام فيجيبوا دعاءكم "أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ" بزيادة الرزق والولد إن عبدتموهم "أَوْ يَضُرُّونَ" ٧٣ كم إن تركتم عبادتهم "قالُوا" وقد لزمتهم الحجة فاعترفوا بأنها لا تنفع ولا تضر "بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ" مثل هذا "يَفْعَلُونَ" ٧٤ وقد قلدناهم واقتدينا بهم، مع علمنا بعدم إنصافهم بذلك.
مطلب إيمان المقلد والفرق بين الوثن والصنم :
وفي هذه الآية إشارة إلى أن التقليد في الدين مذموم، إذ يجب الأخذ بالاستدلال إذا كان من أهله، وإلا فيكفيه أن يقلّد من يعتقد بصحة دينه، ويكون آثما
بترك التعليم، لأن العلم الضروري واجب على كل مسلم ومسلمة، وان قال صاحب بدء الأمالي في منظومته :
وإيمان المقلد ذو اعتبار بأنواع الدلائل كالنصال
بما يدل على اعتباره عقيدة وهو كذلك، ولكنه لا ينفي إثم عدم التعليم، قال صلّى اللّه عليه وسلم :
طلب العلم فريضة على كل مسلم - ويشمل ذلك كل مسلمة - حتى أن اللّه تعالى استثنى طالب العلم من الجهاد وهو أحد أركان الدين، راجع الآية ١٣٤ من سورة التوبة في ج ٣ "قالَ" لهم ابراهيم عليه السلام "أَ فَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ" ٧٥ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ ٧٦ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي" وحد الخبر على إرادة الجنس وسمى الأصنام أعداء وهي جمادات استعارة، لأنهم نزولها منزلة العقلاء وقال عليه السّلام (لي) تعريضا لهم لأنه أنفع في النصح من قوله عدو لكم ليكون أدعى للقبول، ولأنهم على هذا يقولون ما نصحنا إلا بما نصح نفسه وما أراد لنا إلا ما أراد لنفسه، ولو قال لكم لم يكن بتلك المثابة كما لا يخفى على بصير.
ومن هذا القبيل الآية الآتية من سورة يس المارة إذ أضاف القول فيها لنفسه وهو يريدهم.
حكي أن الشافعي رحمه اللّه واجهه رجل بشيء فقال له لو كنت بحيث أنت لا حتجت إلى أدب.


الصفحة التالية
Icon