لأنفسهم، وتعليما للغير بطلب المغفرة عما صدر منهم، "يَوْمَ الدِّينِ" ٨٢ الذي يدان به الناس عما عملوه في دنياهم فيجازون عليه، روى مسلم عن عائشة قالت قلت يا رسول اللّه : ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويقري الضعيف وبطعم المسكين أكان ذلك نافعا له ؟ قال لا ينفعه إنه لم يقل يوما (رب اغفر لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ).
وفي هذا كله يشير عليه السّلام إلى قومه بأنه لا يصلح للالهية إلا من يفعل هذه الافعال ولما أيس منهم باعلام اللّه تعالى إياه هجرهم ونحى نحو ما أمره به ربه وقال "رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً" لأستعد به لخلافة الحق ورياسة الخلق "وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ" ٨٣ الأنبياء قبلي في درجتهم ومنزلتهم عندك "وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ" ٨٤ من بعدي بأن أذكر لديهم بخير من ثناء حسن وحسن سمعة، وقد أجيبت دعوته لأن أهل الأديان يثنون عليه خيرا ويعظمونه وكل أمة تحبّه، وذكر اللسان بدل القول لأنه يكون به ولا حاجة لتقدير مضاف أي صاحب لسان كما قاله بعض المفسرين، لأن الثناء يكون باللسان وغيره قال :
أفادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والضمير المحجّبا