وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ إِنَّا رسولُ ربِّ العالَمين ﴾
قال ابن قتيبة : الرسول يكون بمعنى الجميع، كقوله :﴿ هؤلاء ضَيفي ﴾ [ الحجر : ٦٨ ] وقوله :﴿ ثُمَّ نُخْرِجُكم طِفْلاً ﴾ [ الحج : ٥ ].
وقال الزجاج : المعنى : إِنْا رِسالةُ ربِّ العالَمين، أي : ذوو رسالة ربِّ العالمين، قال الشاعر :
لقَدْ كَذَبَ الوَاشُونَ ما بُحْتُ عِنْدَهُم...
بِسرٍّ وَلا أرْسَلْتُهُمْ بِرَسُولِ
أي : برسالة.
قوله تعالى :﴿ أن أرسِلْ ﴾ المعنى : بأن أرسل ﴿ معنا بني إِسرائيل ﴾ أي : أَطْلِقْهم من الاستعباد، فأَتَياه فبلَّغاه الرسالة، ف ﴿ قال ألم نُرَبِّكَ فينا وَليداً ﴾ أي : صبيّاً صغيراً ﴿ ولَبِثْتَ فينا مِنْ عُمُرِكَ سِنينَ ﴾ وفيها ثلاثة أقوال.
أحدها : ثماني عشرة سنة، قاله ابن عباس.
والثاني : أربعون سنة، قاله ابن السائب.
والثالث : ثلاثون سنة، قاله مقاتل، والمعنى : فجازيْتَنا على ان ربَّيناك أن كفرت نعمتنا، وقتلت منّا نفساً، وهو قوله :﴿ وفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ ﴾ وهي قتل النفس.
قال الفراء : وإِنما نُصِبَت الفاء، لأنها مرة واحدة، ولو أُريد بها مثل الجِلسة والمِشية جاز كسرها.
وفي قوله :﴿ وأنت من الكافرين ﴾ قولان.
أحدهما : من الكافرين لنعمتي، قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير، وعطاء، والضحاك، وابن زيد.
والثاني : من الكافرين بالهك، كنتَ معنا على ديننا الذي تعيب، قاله الحسن، والسدي.
فعلى الاول : وأنت من الكافرين الآن.
وعلى الثاني : وكنت.
وفي قوله :﴿ وأنا من الضالِّين ﴾ ثلاثة أَقوال.
أحدها : من الجاهلين، قاله ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة.
وقال بعض المفسرين : المعنى : إِني كنت جاهلاً لم يأتني من الله شيء.
والثاني : من الخاطئين ؛ والمعنى : إِني قتلت النفس خطأً، قاله ابن زيد.
والثالث : من الناسين ؛ ومثله ﴿ أن تَضِلَّ إِحداهما ﴾ [ البقرة : ٢٨٢ ]، قاله أبو عبيدة.


الصفحة التالية
Icon