وكتاب كريم إذا كان مرضياً في فوائده ومعانيه، والنبات الكريم هو المرضي فيما يتعلق به من المنافع، وفي وصف الزوج بالكريم وجهان : أحدهما : أن النبات على نوعين نافع وضار، فذكر سبحانه كثرة ما أنبت في الأرض من جميع أصناف النبات النافع وترك ذكر الضار والثاني : أنه يعم جميع النبات نافعه وضاره ووصفهما جميعاً بالكرم، ونبه على أنه ما أنبت شيئاً إلا وفيه فائدة وإن غفل عنها الغافلون.
أما قوله :﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لأَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ﴾ فهو كقوله :﴿هُدًى لّلْمُتَّقِينَ﴾ [ البقرة : ٢ ] والمعنى أن في ذلك دلالة لمن يتفكر ويتدبر وما كان أكثرهم مؤمنين أي مع كل ذلك يستمر أكثرهم على كفرهم، فأما قوله :﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العزيز الرحيم﴾ فإنما قدم ذكر العزيز على ذكر الرحيم لأنه لو لم يقدمه لكان ربما قيل إنه رحمهم لعجزه عن عقوبتهم، فأزال هذا الوهم بذكر العزيز وهو الغالب القاهر، ومع ذلك فإنه رحيم بعباده، فإن الرحمة إذا كانت عن القدرة الكاملة كانت أعظم وقعاً.
والمراد أنهم مع كفرهم وقدرة الله على أن يعجل عقابهم لا يترك رحمتهم بما تقدم ذكره من خلق كل زوج كريم من النبات، ثم من إعطاء الصحة والعقل والهداية.
المسألة الثانية :
أنه تعالى وصف الكفار بالإعراض أولاً وبالتكذيب ثانياً وبالاستهزاء ثالثاً وهذه درجات من أخذ يترقى في الشقاوة، فإنه يعرض أولاً ثم يصرح بالتكذيب والإنكار إلى حيث يستهزىء به ثالثاً.
المسألة الثالثة :


الصفحة التالية
Icon