واكتم السر فيه ضرب العنق... ولهذا قيل عتق رقبة ولم يقل عتق عنق فراراً من الاشتراك قاله الزهراوي، فعلى هذا التأويل ليس في قوله ﴿ خاضعين ﴾ موضع قول، والتأويل الآخر أن يريد الأعناق الجارحة المعلمة وذلك أن خضوع العنق والرقبة هو علامة الذلة والانقياد ومنه قول الشاعر :[ الكامل ]
وإذا الرجال رأوا يزيد رأيتهم... خضع الرقاب نواكس الأبصار
فعلى هذا التأويل يتكلم على قوله ﴿ خاضعين ﴾ كيف جمعه جمع من يعقل، وذلك متخرج على نحوين من كلام العرب : أحدهما أن الإضافة إلى من يعقل أفادت حكم من يعقل كما تفيد الإضافة إلى المؤنث تأنيث علامة المذكر، ومنه قول الأعشى :
" كما شرقت صدر القناة من الدم "... وهذا كثير، والنحو الآخر أن الأعناق لما وصفت بفعل لا يكون إلا مقصوداً للبشر وهو الخضوع، إذ هو فعل يتبع أمراً في النفس، جمعها فيه جمع من يعقل وهذا نظير قوله تعالى :﴿ أتينا طائعين ﴾ [ فصلت : ١١ ]. وقوله :﴿ رأيتهم لي ساجدين ﴾ [ يوسف : ٤ ]. وقرأ ابن أبي عبلة " لها خاضعة " ثم عنف الكفار ونبه على سوء فعلهم بقوله :﴿ وما يأتيهم ﴾ الآية، وقوله ﴿ ومحدث ﴾ يريد محدث الإتيان، أي مجيء القرآن للبشر كان شيئاً بعد شيء. وقالت فرقة يحتمل أن يريد ب " الذكر " محمد ﷺ كما قال تعالى في آية أخرى :﴿ قد أنزل الله إليكم ذكراً ﴾ [ الطلاق : ١٠ ]. فيكون وصفه بالمحدث متمكناً.
قال القاضي أبو محمد : والقول الأول أفصح.