وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ طسم ﴾
قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر :﴿ طسم ﴾ بفتح الطاء وإِدغام النون من هجاء "سين" عند الميم.
وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف، وأبان، والمفضل :﴿ طسم ﴾ و ﴿ طس ﴾ [ النمل ] بامالة الطاء فيهما.
وأظهر النون من هجاء "سين" عند الميم حمزة هاهنا وفي ( القصص ).
وفي معنى ﴿ طسم ﴾ أربعة أقوال.
أحدها : أنها حروف من كلمات، ثم فيها ثلاثة أقوال.
أحدها :[ ما ] رواه عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال :" لما نزلت ﴿ طسم ﴾ قال رسول الله ﷺ :"الطاء : طور سيناء، والسين : الاسكندرية، والميم : مكة" ".
والثاني :[ أن ] الطاء : طَيْبَة، وسين : بيت المقدس، وميم : مكة، [ رواه الضحاك عن ابن عباس ].
والثالث : الطاء شجرة طوبى، والسين : سدرة المنتهى، والميم : محمد ﷺ، قاله جعفر الصادق.
والثاني : أنه قسم أقسم الله به، وهو من أسماء الله تعالى، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
وقد بيَّنَّا كيف يكون مثل هذا من أسماء الله تعالى في فاتحة مريم.
وقال القرظي : أقسم الله بطَوْلِه وسَنائه ومُلكه.
والثالث : انه اسم للسُّورة، قاله مجاهد.
والرابع : أنه اسم من أسماء القرآن، قاله قتادة، وأبو روق.
وما بعد هذا قد سبق تفسيره [ المائدة : ١٥، الكهف : ٦ ] إِلى قوله :﴿ ألاَّ يكونوا مؤمنين ﴾ والمعنى : لعلّك قاتل نفسك لتركهم الإِيمان.
ثم أخبر أنه لو أراد أن يُنزل عليهم ما يضطرهم إِلى الإِيمان لفعل، فقال :﴿ إِن نَشَأْ نُنَزَّلْ ﴾ وقرأ أبو رزين، وأبو المتوكل :﴿ إِن يَشَأْ يُنَزِّلْ ﴾ بالياء فيهما، ﴿ عليهم من السماء آية فظلَّت أعناقُهم لها خاضعين ﴾ جعل الفعل أولاً للأعناق، ثم جعل "خاضعين" للرجال، لأن الأعناق إِذا خضعت فأربابها خاضعون.


الصفحة التالية
Icon