بالمغرب غروب الشمس وزوال النهار، والأمر ظاهر في أن هذا التدبير المستمر على الوجه العجيب لا يتم إلا بتدبير مدبر وهذا بعينه طريقة إبراهيم عليه السلام مع نمروذ، فإنه استدل أولاً بالإحياء والإماتة وهو الذي ذكره موسى عليه السلام ههنا بقوله :﴿رَبُّكُمْ وَرَبُّ ءابَائِكُمُ الأولين﴾ فأجابه نمروذ بقوله :
﴿أنا أحيي وأميت﴾ [ البقرة : ٢٥٨ ] فقال :﴿فَإِنَّ الله يَأْتِى بالشمس مِنَ المشرق فَأْتِ بِهَا مِنَ المغرب فَبُهِتَ الذى كَفَرَ﴾ [ البقرة : ٢٥٨ ] وهو الذي ذكره موسى عليه السلام ههنا بقوله :﴿رَّبُّ المشرق والمغرب ﴾.
وأما قوله :﴿إِنْ كُنتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ فكأنه عليه السلام قال إن كنت من العقلاء عرفت أنه لا جواب عن سؤالك إلا ما ذكرت لأنك طلبت مني تعريف حقيقته بنفس حقيقته، وقد ثبت أنه لا يمكن تعريف حقيقته بنفس حقيقته ولا بأجزاء حقيقته، فلم يبق إلا أن أعرف حقيقته بآثار حقيقته، وأنا قد عرفت حقيقته بآثار حقيقته فقد ثبت أن كل من كان عاقلاً يقطع بأنه لا جواب عن هذا السؤال إلا ما ذكرته.


الصفحة التالية
Icon