رَماهُ الناسُ عن كَثَبٍ فَمَالاَ
وقال الأسود بن يَعْفُر :
حَلُّوا بأنْقرةٍ يَسيلُ عليهمُ...
ماءُ الفُراتِ يجيءُ من أَطْوَادِ
جمع طود أي جبل.
فصار لموسى وأصحابه طريقاً في البحر يَبَساً ؛ فلما خرج أصحاب موسى وتكامل آخر أصحاب فرعون على ما تقدّم في "يونس" انصب عليهم وغرق فرعونُ ؛ فقال بعض أصحاب موسى : ما غرق فرعونُ ؛ فنبذ على ساحل البحر حتى نظروا إليه.
وروى ابن القاسم عن مالك قال : خرج مع موسى عليه السلام رجلان من التجار إلى البحر فلما أتوا إليه قالا له بم أمرك الله؟ قال : أمرت أن أضرب البحر بعصاي هذه فينفلق ؛ فقالا له : افعل ما أمرك الله فلن يخلفك ؛ ثم ألقيا أنفسهما في البحر تصديقاً له ؛ فما زال كذلك البحر حتى دخل فرعون ومن معه، ثم ارتد كما كان.
وقد مضى هذا المعنى في سورة "البقرة".
قوله تعالى :﴿ وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخرين ﴾ أي قربناهم إلى البحر ؛ يعني فرعون وقومه.
قاله ابن عباس وغيره ؛ قال الشاعر :
وكلُّ يوم مَضَى أو ليلةٍ سلَفَتْ...
فيها النفوسُ إلى الآجال تَزْدَلِفُ
أبو عبيدة :﴿ أَزْلَفْنَا ﴾ جمعنا ومنه قيل لليلة المزدلفة ليلة جَمْع.
وقرأ أبو عبد الله بن الحارث وأبيّ بن كعب وابن عباس :﴿ وَأَزْلَقَنَا ﴾ بالقاف على معنى أهلكناهم ؛ من قوله : أزلقت الناقةُ وأزلقت الفرسُ فهي مُزْلِق إذا أزلقت ولدها.
﴿ وَأَنجَيْنَا موسى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخرين ﴾ يعني فرعون وقومه.
﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً ﴾ أي علامة على قدرة الله تعالى ﴿ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ لأنه لن يؤمن من قوم فرعون إلا مؤمن آل فرعون واسمه حزقيل وابنته آسية امرأة فرعون، ومريم بنت ذا موسى العجوز التي دلّت على قبر يوسف الصديق عليه السلام.