وقال أبو حيان :
﴿ فلما تراءى الجمعان ﴾ :
أي رأى أحدهما الآخر، ﴿ قال أصحاب موسى إنا لمدركون ﴾ : أي ملحقون، قالوا ذلك حين رأوا العدوّ القوي وراءهم والبحر أمامهم، وساءت ظنونهم.
وقرأ الأعمش : وابن وثاب : تراي الجمعان، بغير همز، على مذهب التخفيف بين بين، ولا يصح القلب لوقوع الهمزة بين ألفين، إحداهما ألف تفاعل الزائدة بعد الفاء، والثانية اللام المعتلة من الفعل.
فلو خففت بالقلب لاجتمع ثلاث ألفات متسقة، وذلك مما لا يكون أبداً، قاله أبو الفضل الرازي.
وقال ابن عطية : وقرأ حمزة : تريء، بكسر الراء ويمد ثم يهمز ؛ وروى مثله عن عاصم، وروي عنه أيضاً مفتوحاً ممدود، أو الجمهور يقرؤونه مثل تراعى، وهذا هو الصواب، لأنه تفاعل.
وقال أبو حاتم : وقراءة حمزة هذا الحرف محال، وحمل عليه، قال : وما روي عن ابن وثاب والأعمش خطأ. انتهى.
وقال الأستاذ أبو جعفر أحمد ابن الأستاذ أبي الحسن علي بن أحمد بن خلف الأنصاري، هو ابن الباذش، في كتاب الإقناع من تأليفه : تراءى الجمعان في الشعراء.
إذا وقف عليها حمزة والكسائي، أما لا الألف المنقلبة عن لام الفعل، وحمزة يميل ألف تفاعل وصلاً ووقفاً لإمالة الألف المنقلبة ؛ ففي قراءته إمالة الإمالة.
وفي هذا الفعل، وفي راءى، إذا استقبله ألف وصل لمن أمال للإمالة، حذف السبب وإبقاء المسبب، كما قالوا : صعقى في النسب إلى الصعق.
وقرأ الجمهور : لمدركون، بإسكان الدال ؛ والأعرج، وعبيد بن عمير : بفتح الدال مشددة وكسر الراء، على وزن مفتعلون، وهو لازم، بمعنى الفناء والاضمحلال.
يقال : منه ادّرك الشيء بنفسه، إذا فني تتابعاً، ولذلك كسرت الراء على هذه القراءة، نص على كسرها أبو الفضل الرازي في ( كتاب اللوامح )، والزمخشري في ( كشافه ) وغيرهما.


الصفحة التالية
Icon