وقال أبو الفضل الرازي : وقد يكون ادّرك على افتعل بمعنى أفعل متعدياً، فلو كانت القراءة من ذلك، لوجب فتح الراء، ولم يبلغني ذلك عنهما، يعني عن الأعرج وعبيد بن عمير.
قال الزمخشري : المعنى إنا لمتتابعون في الهلاك على أيديهم حتى لا يبقى منا أحد، ومنه بيت الحماسة :
أبعد بني أمي الذين تتابعوا...
أرجى الحياة أم من الموت أجزع
﴿ قال كلا إن معي ربي سيهدين ﴾ : زجرهم وردعهم بحرف الردع وهو كلا، والمعنى : لن يدركوكم لأن الله وعدكم بالنصر والخلاص منهم، إن معي ربي سيهدين عن قريب إلى طريق النجاة ويعرفنيه.
وقيل : سيكفيني أمرهم.
ولما انتهى موسى إلى البحر، قال له مؤمن آل فرعون، وكان بين يدي موسى : أين أمرت، وهذا البحر أمامك وقد غشيتك آل فرعون؟ قال : أمرت بالبحر، ولا يدري موسى ما يصنع.
ورويت هذه المقالة عن يوشع، قالها لموسى عليه السلام، فأوحى الله إليه ﴿ أن اضرب بعصاك البحر ﴾، فخاض يوشع الماء.
وضرب موسى بعصاه، فصار فيه اثنا عشر طريقاً، لكل سبط طريق.
أراد تعالى أن يجعل هذه الآية متصلة بموسى ومتعلقة بفعل فعله، ولكنه بقدرة الله إذ ضرب البحر بالعصا لا يوجب انفلاق البحر بذاته، ولو شاء تعالى لفلقه دون ضربه بالعصا، وتقدّم الخلاف في مكان هذا البحر.
﴿ فانفلق ﴾ : ثم محذوف تقديره : فضرب فانفلق.
وزعم ابن عصفور في مثل هذا التركيب أن المحذوف هو ضرب، وفاء انفلق.
والفاء في انفلق هي فاء ضرب، فأبقى من كل ما يدل على المحذوف، أبقيت الفاء من فضرب واتصلت بانفلق، ليدل على ضرب المحذوفة، وأبقى انفلق ليدل على الفاء المحذوفة منه.
وهذا قول شبيه بقول صاحب البرسام، ويحتاج إلى وحي بسفر عن هذا القول.
وإذا نظرت القرآن وجدت جملاً كثيرة محذوفة، وفيها الفاء نحو قوله :﴿ فأرسلون، يوسف أيها ﴾ أي فأرسلوه، فقال يوسف أيها الصديق، والفرق الجزء المفصل.
والطود : الجبل العظيم المنطاد في السماء.