وقال الشيخ الشعراوى :
﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (٦٩) ﴾
جاءت هذه الآية بعد الانتهاء في إيجاز مُبسّط لقصة موسى عليه السلام مع فرعون، وخُتمت بقوله تعالى :﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العزيز الرحيم ﴾ [ الشعراء : ٦٧٦٨ ].
ثم تكلم الحق سبحانه عن نبيه إبراهيم عليه السلام ﴿ واتل عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ ﴾ [ الشعراء : ٦٩ ] مما يدل على أن المسألة في القرآن ليست سَرْداً للتاريخ، فإبراهيم كان قبل موسى، ولو أردنا التأريخ لجاءت قصة إبراهيم أولاً، إنما الهدف من القصص في القرآن التقاط مواضع العِبْرة والعِظَة واتخاذ الأُسوة من تاريخ الرسل، ليُثبِّت الله بها فؤاد رسوله ﷺ حينما يواجه الأحداث الشاقة والعصيبة.
والمتأمل في رسالة موسى ورسالة إبراهيم عليهما السلام يجد أن موسى جاء ليعالج مسألة هي قمة العقيدة، ويواجه مَنِ ادّعى الألوهية وقال : إني إله من دون الله، أما إبراهيم فقد عالج مسألة الشرك مع الله وعبادة الأصنام، فعندهم طَرَف من إيمان، بدليل أنهم إذا ضيّقنا عليهم الخناق قالوا :﴿ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى الله زلفى ﴾ [ الزمر : ٣ ].
لذلك كانت قصة موسى أَوْلَى بالتقديم هنا.
ومعنى :﴿ واتل عَلَيْهِمْ ﴾ [ الشعراء : ٦٩ ] أي : اقرأ، أو وضِّح، أو عبِّر، ونقول للقراءة ( تلاوة ) لأنه لا يُتلَى إلا المكتوب المعلوم المفهوم ﴿ عَلَيْهِمْ ﴾ [ الشعراء : ٦٩ ] على أمة الدعوة كلها، أَمْ على المكذبين خاصة؟