قال النحاس : ولا يجوز حذف الألف واللام في شيء من هذا عند أحد من النحويين علمناه.
وقرأ ابن مسعود والضحاك ويعقوب الحضرمي وغيرهم، ﴿ وَأَتْبَاعُكَ الأَرْذَلُون ﴾.
النحاس : وهي قراءة حسنة ؛ وهذه الواو أكثرها تتبعها الأسماء والأفعال بقد.
وأتباع جمع تبع وتبيع يكون للواحد والجمع.
قال الشاعر :
له تَبَعٌ قد يعلمُ الناسُ أنّه...
على من يُدانِي صَيِّف ورَبِيعُ
ارتفاع ﴿ أتْبَاعُكَ ﴾ يجوز أن يكون بالابتداء و ﴿ الأَرْذَلُونَ ﴾ الخبر ؛ التقدير أنؤمن لك وإنما أتباعك الأرذلون.
ويجوز أن يكون معطوفاً على الضمير في قوله :﴿ أَنُوْمِنُ لَكَ ﴾ والتقدير : أنؤمن لك نحن وأتباعك الأرذلون فنعدّ منهم ؛ وحسن ذلك الفصل بقوله :﴿ لَكَ ﴾ وقد مضى القول في الأراذل في سورة "هود" مستوفًى.
ونزيده هنا بياناً وهي المسألة :
الثانية : فقيل : إن الذين آمنوا به بنوه ونساؤه وكناته وبنو بنيه.
واختلف هل كان معهم غيرهم أم لا.
وعلى أي الوجهين كان فالكل صالحون ؛ وقد قال نوح :﴿ وَنَجِنّي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ المُوْمِنِينَ ﴾ والذين معه هم الذين اتبعوه، ولا يلحقهم من قول الكفرة شين ولا ذمّ، بل الأرذلون هم المكذبون لهم.
قال السهيلي : وقد أغرى كثير من العوام بمقالة رويت في تفسير هذه الآية : هم الحاكَة والحجّامون.
ولو كانوا حاكة كما زعموا لكان إيمانهم بنبيّ الله واتباعهم له مشرِّفاً كما تشرَّف بِلالٌ وسَلْمَان بسبقهما للإسلام ؛ فهما من وجوه أصحاب النبيّ ﷺ ومن أكابرهم، فلا ذرية نوح كانوا حاكة ولا حجّامين، ولا قول الكفرة في الحاكة والحجامين إن كانوا آمنوا بهم أرذلون ما يلحق اليوم بحاكتنا ذمّاً ولا نقصاً ؛ لأن هذه حكاية عن قول الكفرة إلا أن يجعل الكفرة حجة ومقالتهم أصلاً ؛ وهذا جهل عظيم وقد أعلم الله تعالى أن الصناعات ليست بضائرة في الدين.