قوله تعالى :﴿ قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ ﴿ كان ﴾ زائدة ؛ والمعنى : وما علمي بما يعملون ؛ أي لم أكلف العلم بأعمالهم إنما كلفت أن أدعوهم إلى الإيمان، والاعتبار بالإيمان لا بالحِرَف والصّنائع ؛ وكأنهم قالوا : إنما اتبعك هؤلاء الضعفاء طمعاً في العزة والمال.
فقال : إني لم أقف على باطن أمرهم وإنما إليّ ظاهرهم.
وقيل : المعنى إني لم أعلم أن الله يهديهم ويضلكم ويرشدهم ويغويكم ويوفقهم ويخذلكم.
﴿ إِنْ حِسَابُهُمْ ﴾ أي في أعمالهم وإيمانهم ﴿ إِلاَّ على رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ ﴾ وجواب ﴿ لو ﴾ محذوف ؛ أي لو شعرتم أن حسابهم على ربهم لما عبتموهم بصنائعهم.
وقراءة العامّة :﴿ تَشْعُرُونَ ﴾ بالتاء على المخاطبة للكفار وهو الظاهر.
وقرأ ابن أبي عَبْلَة ومحمد بن السَّمَيْقَع :﴿ لو يشعرون ﴾ بالياء كأنه خبر عن الكفار وترك الخطاب لهم ؛ نحو قوله :﴿ حتى إِذَا كُنتُمْ فِي الفلك وَجَرَيْنَ بِهِم ﴾ [ يونس : ٢٢ ].
وروي أن رجلاً سأل سفيان عن امرأة زنت وقتلت ولدها وهي مسلمة هل يقطع لها بالنار؟ فقال :﴿ إِنْ حِسَابُهُمْ إلاَّ عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ ﴾.
﴿ وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ المؤمنين ﴾ أي لخساسة أحوالهم وأشغالهم.
وكأنهم طلبوا منه طرد الضعفاء كما طلبته قريش.
﴿ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾ يعني : إن الله ما أرسلني أخص ذوي الغنى دون الفقراء، إنما أنا رسول أبلغكم ما أرسلت به، فمن أطاعني فذلك السعيد عند الله وإن كان فقيراً.
قوله تعالى :﴿ قَالُواْ لَئِنْ لَّمْ تَنْتَهِ يانوح ﴾ أي عن سبّ آلهتنا وعيب ديننا ﴿ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ ﴾ أي بالحجارة ؛ قاله قتادة.
وقال ابن عباس ومقاتل : من المقتولين.
قال الثُّمَالِيّ : كل مرجومين في القرآن فهو القتل إلا في "مريم" :﴿ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ ﴾ [ مريم : ٤٦ ] أي لأسبنك.