وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ المرسلين ﴾
قال "كذبت" والقوم مذكر ؛ لأن المعنى كذبت جماعة قوم نوح، وقال :﴿ الْمُرْسَلينَ ﴾ لأن من كذب رسولاً فقد كذب الرسل ؛ لأن كل رسول يأمر بتصديق جميع الرسل.
وقيل : كذبوا نوحاً في النبوّة وفيما أخبرهم به من مجيء المرسلين بعده.
وقيل : ذكر الجنس والمراد نوح عليه السلام.
وقد مضى هذا في "الفرقان".
﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ ﴾ أي ابن أبيهم وهي أخوة نسب لا أخوة دين.
وقيل : هي أخوة المجانسة.
قال الله تعالى :﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ ﴾ [ إبراهيم : ٤ ] وقد مضى هذا في "الأعراف".
وقيل : هو من قول العرب يا أخا بني تميم.
يريدون يا واحداً منهم.
الزمخشري : ومنه بيت الحماسة :
لا يَسْألون أخاهم حِينَ يَنْدُبُهم...
في النَّائباتِ على ما قال بُرْهَانَا
﴿ أَلاَ تَتَّقُونَ ﴾ أي ألا تتقون الله في عبادة الأصنام.
﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾ أي صادق فيما أبلغكم عن الله تعالى.
وقيل :﴿ أَمِينٌ ﴾ فيما بينكم ؛ فإنهم كانوا عرفوا أمانته وصدقه من قبل ؛ كمحمد ﷺ في قريش.
﴿ فاتقوا الله ﴾ أي فاستتروا بطاعة الله تعالى من عقابه.
﴿ وَأَطِيعُونِ ﴾ فيما آمركم به من الإيمان.
﴿ وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ﴾ أي لا طمع لي في مالكم.
﴿ إِنْ أَجْرِيَ ﴾ أي ما جزائي ﴿ إِلاَّ على رَبِّ العالمين ﴾.
﴿ فاتقوا الله وَأَطِيعُونِ ﴾ كرر تأكيداً.
قوله تعالى :﴿ قالوا أَنُؤْمِنُ لَكَ واتبعك الأرذلون ﴾ فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعالى :﴿ قالوا أَنُؤْمِنُ لَكَ ﴾ أي نصدق قولك.
﴿ واتبعك الأرذلون ﴾ الواو للحال وفيه إضمار قد، أي وقد اتبعك.
﴿ الأَرْذَلُونَ ﴾ جمع الأرذل، المكسر الأراذل والأثنى الرُّذْلَى والجمع الرُّذَّل.