وهي قريب من تسعين بيتاً، فلما فرغها أعادها ابن عباس وكان حفظها بمرة واحدة، ويكفي الشاعر في التفصي عن ذم هذه الآية له أن لا يغلب عليه الشعر فيشغله عن الذكر حتى يكون من الغاوين، وليس من شرطه أن لا يكون في شعره هزل أصلاً، فقد كان حسان رضي الله تعالى عنه ينشد النبي ـ ﷺ ـ مثل قوله في قصيدة طويلة مدحه ـ ﷺ ـ فيها :
كأن سيبئة من بيت رأس...
يكون مزاجها عسل وماء
إذا ما الأشربات ذكرن يوماً...
فهن لطيب الراح الفداء
نوليها الملامة إن ألمنا...
إذا ما كان مغث أو لحاء
ونشربها فتتركنا ملوكاً...
وأسداً ما ينهنهنا اللقاء
وقد كان تحريم الخمر سنة ثلاث من الهجرة أو سنة أربع، وهذه القصيدة قالها حسان رضي الله تعالى عنه في الفتح سنة ثمان أو في عمرة القضاء سنة سبع، فهي مما يقول الشاعر ما لا يفعل.
ولما عرف سبحانه بحال المستثنين في الذكر الذي هو أساس كل أمر، أتبعه ما حملهم على الشعر من الظلم الذي رجاهم النصر فقال :﴿وانتصروا﴾ أي كلفوا أنفسهم أسباب النصر بشعرهم فيمن آذاهم ﴿من بعد ما ظلموا﴾ أي وقع ظلم الظالم لهم بهجو ونحوه.


الصفحة التالية
Icon