وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان واجباً على الأنبياء قبله طاف عليه السلام تلك الليلة ببيوت أصحابه لينظر ما يصنعون أي هل تركوا قيام الليل لكونه نسخ وجوبه بالصلوات الخمس ليلة المعراج حرصاً على كثرة طاعاتهم فوجدها كبيوت الزنابير لما سمع لها من دندنتهم بذكر الله وتلاوة القرآن ﴿إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ﴾ لما تقوله ولدعوات عباده ومناجاة الأسرار ﴿الْعَلِيمُ﴾ بما تنويه وبوجود مصالحهم وارادات الضمائر.
وقال بعضهم :﴿وَتَقَلُّبَكَ فِى السَّاجِدِينَ﴾ أي تصرفك فيما بين المصلين بالقيام والركوع والسجود والقعود إذا اممتهم فقوله في الساجدين معناه مع المصلين في الجماعة فكأن أصل المعنى يراك حين تقوم وحدك للصلاة ويراك إذا صليت مع المصلين جماعة.
وفي "التأويلات النجمية" :﴿الَّذِى يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ﴾ أي يرى قصدك ونيتك وعزيمتك عند قيامك للأمور كلها وقد اقتطعه بهذه الآية عن شهود الخلق فإن من علم أنه بمشهد الحق راعى دقائق حالاته وخفايا أحواله مع الحق وبقوله :﴿وَتَقَلُّبَكَ فِى السَّاجِدِينَ﴾ هون عليه معاناة مشاق العبادات لاخباره برؤيته له ولا مشقة لمن يعلم أنه بمرأى من مولاه ومحبوبه وأن حمل الجبال الرواسي يهون لمن حملها على شعرة من جفن عينه على مشاهدة ربه.
ويقال كنت بمرأى منا حين تقلبك في عالم الأرواح في الساجدين بأن خلقنا روح كل ساجد من روحك أنه هو السميع في الأزل مقالتك أنا سيد ولد آدم ولا فخر لأن أرواحهم خلقت من روحك العليم باستحقاقك لهذه الكرامة انتهى.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿وَتَقَلُّبَكَ فِى السَّاجِدِينَ﴾ من نبي إلى نبي حتى أخرجك نبياً، أي فمعنى في الساجدين في أصلاب الأنبياء والمرسلين من آدم إلى نوح وإلى إبراهيم وإلى من بعده إلى أن ولدته أمه وهذا لا ينافي وقوع من ليس نبياً في آبائه فالمراد وقوع الأنبياء في نسبه.