﴿يُلْقُونَ السَّمْعَ﴾ الجملة في محل الجر على أنها صفة كل أفاك أثيم لكونه في معنى الجمع، أي يلقي الأفاكون الأذن إلى الشياطين فيتلقون منهم أوهاماً وأمارات لنقصان علمهم فيضمون إليها بحسب تخيلاتهم الباطلة خرافات لا يطابق أكثرها الواقع.
﴿وَأَكْثَرُهُمْ﴾ أي : الأفاكين ﴿كَاذِبُونَ﴾ فيما قالوه من الأقاويل وليس محمد كذلك فإنه صادق في جميع ما أخبر من المغيبات والأكثر بمعنى الكل.
كلفظ البعض في قوله :﴿وَلاحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾ (آل عمران : ٥٠) أي كله وذلك كما استعملت القلة في معنى العدم في كثير من المواضع.
وقال بعضهم : إن الأكثرية باعتبار الأقوال لا باعتبار الذوات حتى يلزم من نسبة الكذب إلى أكثرهم كون أقلهم صادقين وليس معنى الأفاك من لا ينطق إلا بالإفك حتى يمتنع منه الصدق بل من يكثر الإفك فلا ينافيه أن يصدق نادراً في بعض الأحيان.
وقال في "كشف الأسرار" : استثنى منهم بذكر الأكثر سطحياً وشقاً وسواد بن قارب الذين كانوا يلهجون بذكر رسول الله وتصديقه ويشهدون له بالنبوة ويدعون الناس إليه انتهى.
قال في "حياة الحيوان" : وأما شق وسطيح الكاهنان فكان شق إنسان له يد واحدة ورجل واحدة وعين واحدة وكان سطيح ليس له عظم ولا بنان إنما كان يطوى كالحصير لم يدرك أيام بعثة رسول الله عليه السلام وكان في زمن الملك كسرى وهو ساسان.
﴿وَالشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ يعني : ليس القرآن بشعر ولا محمد بشاعر لأن الشعراء يتبعهم الضالون والسفهاء وأتباع محمد ليسوا كذلك بل هم الراشدون المراجيح الرزان وكان شعراء الكفار يهجون رسول الله وأصحابه ويعيبون الإسلام فيتبعهم سفهاء