قال في "المفردات" : شعرت أصبت الشعر ومنه استعير شعرت كذا أي علمته في الدقة كإصابة الشعر.
قيل : وسمي الشاعر شاعراً لفطنته ودقة معرفته فالشعر في الأصل اسم للعلم الدقيق في قولهم : ليت شعري وصار في التعارف اسماً للموزون المقفى من الكلام والشاعر المختص بصناعته وقوله تعالى :﴿بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ﴾ (الأنبياء : ٥) حمله كثير من المفسرين على أنهم رموه بكونه آتياً بشعر منظوم مقفى حتى تأولوا ما جاء في القرآن من كل لفظ يشبه الموزون من نحو وجفان كالجواب وقدور راسيات.
وقال بعض المحصلين : لم يقصدوا هذا المقصد فيما رموه به وذلك أنه ظاهر من هذا الكلام أنه ليس على أساليب الشعر ولا يخفى ذلك على الأغتام من العجم فضلاً عن بلغاء العرب وإنما رموه بالكذب فإن الشعر يعبر به عن الكذب والشاعر الكاذب حتى سمى قوم الأدلة الكاذبة شعراً ولهذا قال تعالى في وصف عامة الشعراء :﴿وَالشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ إلى آخر السورة انتهى.
قال الإمام المرزوقي "شرح الحماسة" : تأخر الشعراء عن البلغاء لتأخر المنظوم عند العرب لأن ملوكهم قبل الإسلام وبعده يتبجحون بالخطابة ويعدونها أكمل أسباب الرياسة ويعدون الشعر دناءة لأن الشعر كان مكسبة وتجارة وفيه وصف اللئيم عند الطمع بصفة الكريم والكريم عند تأخر صلته بوصف اللئيم ومما يدل على شرف النثر أن الإعجاز وقع في النثر دون النظم لأن زمن النبي عليه السلام زمن الفصاحة.


الصفحة التالية
Icon