﴿أَلَمْ تَرَ﴾ يا من شأنه الرؤية أي قد رأيت وعلمت ﴿أنَّهُمْ﴾ أي الشعراء ﴿فِى كُلِّ وَادٍ﴾ من المدح والذم والهجاء والكذب والفحش والشتم واللعن والافتراء والدعاوى والتكبر والمفاخر والتحاسد والعجب والإراءة وإظهار الفضل والدناءة والخسة والطمع والتكدي والذلة والمهانة وأصناف الأخلاق الرذيلة والطعن في الأنساب والأعراض وغير ذلك من الآفات التي هي من توابع الشعر ﴿يَهِيمُونَ﴾ يقال هام على وجهه من باب باع هيماناً بفتحتين ذهب من العشق أو غيره كما في "المختار" أي يذهبون على وجوههم لا يهتدون إلى سبيل معين بل يتحيرون في أودية القيل والقال والوهم والخيال والغي والضلال.
قال الراغب : أصل الوادي الموضع الذي يسيل فيه الماء ومنه سمي المنفرج بين الجبلين وادياً ويستعار للطريقة
كالمذهب والأسلوب فيقال : فلان في واد غير واديك وقوله :﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِى كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ﴾ فإنه يعني أساليب الكلام من المدح والهجاء والجدل والغزل وغير ذلك من الأنواع أي في كل نوع من الكلام يغلون.
قال في "الوسيط" : فالوادي مثل لفنون الكلام وهيمانهم فيه قولهم على الجهل بما يقولون من لغو وباطل وغلو في مدح أو ذم.
﴿وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ﴾ في أشعارهم عند التصلف والدعاوى ﴿مَا لا يَفْعَلُونَ﴾ من الأفاعيل : يعني (بفسق ناكرده برخود كواهي ميدهند ويغا مهاي ناداده بكسى درسلك نظم ميكشند) ويرغبون في الجود ويرغبون عنه وينفرون عن البخل ويصرون عليه ويقدحون في الناس بأدنى شيء صدر عنهم، ثم إنهم لا يرتكبون إلا الفواحش وذلك تمام الغواية والنبي عليه السلام منزه عن ذلك متصف بمحاسن الأوصاف ومكارم الأخلاق مستقر على المنهاج القويم مستمر على الصراط المستقيم.
﴿إِلا الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾
استثناء للشعراء المؤمنين الصالحين.


الصفحة التالية
Icon