الملأ الأعلى، وعلى تقديرِ كونِه جواباً على سؤالِ من قال لِمَ تنزلُ عليهم وماذا يفعلون بهم : يُلقون إليهم ما سمعُوه وحمله على استئناف الأخبارِ كما فعله بعضهم غيرُ سديدٍ لأنَّ ذكرَ حالِهم السَّابقةِ على تنُّزلهم المذكورِ قبله غيرُ خليقٍ بَجزَالةِ التَّنزيل وأمَّا على تقديرِ كونِ ضميرِ يُلقون للأفَّاكين فهو صفةٌ لكلِّ أفَّاكٍ لأنَّه في معنى الجمعِ سواء أُريد بإلقاء السَّمعِ الإصغاءُ إلى الشَّياطينِ أو إلقاء المسموعِ إلى النَّاس ويجوزُ أنْ يكونَ استئنافُ إخبارٍ بحالِهم على كِلا التَّقديرينِ لما أنَّ كُلاًّ من تلقيهم من الشَّياطينِ وإلقائِهم إلى الناسِ يكون بعد التَّنزيلِ وأنْ يكونَ استئنافاً مبنيَّاً على السُّؤالِ على التَّقديرِ الأوَّلِ فقط كأنَّه قيل : ما يفعلونَ عند تنزلِ الشَّياطينِ عليهم فقيل يُلقون إليهم أَسماعَهم ليحفظُوا ما يُوحون به إليهم.
وقولُه تعالى : وأكثرُهم كاذبونَ على التَّقدير الأوَّلِ استئنافٌ فقط وعلى الثَّاني يحتملُ الحاليَّةُ من ضميرِ يُلقون أي يُلقون ما سمِعُوه من الشَّياطين إلى النَّاس، والحالُ أنهم في أكثرِ أقوالِهم كاذبونَ فتدبَّرْ.
﴿ والشعراء يَتَّبِعُهُمُ الغاوون ﴾


الصفحة التالية
Icon