ولعل مراد القاضي بقوله : إنه لم يهتد من الآية التي أضمرها ﷺ إلا لهذا اللفظ الناقص على عادة الكهان إذا ألقى الشيطان إليهم بقدر ما يخطف الخ تشبيه حاله مع أنه من الضرب الثاني بحال من تقدمه من الكهان الذين هم من الضرب الأول وإلا لاشكل كلامه هذا مع ما نقلناه عنه أولاً كما لا يخفى، وكأنه يقول برجم المسترقين للسمع قبل البعثة أيضاً إلا أنه لم يكن بمثابة ما كان بعد البعثة، وقد ذهب إلى هذا جمع من المحدثين.
ومن الناس من قال : إن الشيطان إذا خطف الخطفة فاتبعه شهاب ثاقب ألقى ما يخطفه إلى من تحته قبل أن يدركه السهاب ثم أن من تحته يوصل ذلك إلى الكاهن ولا يكاد يصح ذلك، وقيل : إن ما يلقيه الشياطين إلى الكهنة بعد البعثة هو ما يسمعونه من الملائكة عليهم السلام في العنان وهو المراد بقوله تعالى :﴿ يُلْقُونَ السمع ﴾ [ الشعراء : ٣٢٢ ] وما هم ممنوعون عنه هو السمع من الملائكة عليهم السلام في السماء وهو المراد بقوله تعالى :﴿ إِنَّهُمْ عَنِ السمع لَمَعْزُولُونَ ﴾ [ الشعراء : ٢١٢ ] واستدل لذلك بما أخرجه البخاري.


الصفحة التالية
Icon