والمتبادر منه الكلام المنظوم المقفى ولذلك قال كثير من المفسرين : إنهم رموه عليه الصلاة والسلام بكونه آتياً بشعر منظوم مقفى حتى تأولوا عليه ما جاء في القرآن مما يكون موزوناً بأدنى تصرف كقوله تعالى :﴿ وَلاَ تَقْتُلُواْ النفس التى حَرَّمَ الله ﴾ [ الإسراء : ٣٣ ] ويكون بهذا الاعتبار شطراً من الطويل وكقوله سبحانه :﴿ إِنَّ قارون كَانَ مِن قَوْمِ موسى ﴾ [ القصص : ٧٦ ] ويكون من المديد، وكقوله عز وجل :﴿ فَأْصْبَحُواْ لاَ يرى إِلاَّ مساكنهم ﴾ [ الأحقاف : ٢٥ ] ويكون من البسيط، وقوله تبارك وتعالى :﴿ أَلاَ بُعْدًا لّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ ﴾ [ هود : ٦٠ ] ويكون من الوافر، وقوله جل وعلا :﴿ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً ﴾ [ الأحزاب : ٥٦ ] ويكون من الكامل إلى غير ذلك مما استخرجوه منه من سائر البحور، وقد استخرجوا منه ما يشبه البيت التام كقوله تعالى :﴿ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ ﴾ [ التوبة : ١٤ ].
وتعقب ذلك بأنهم لم يقصدوا هذا المقصد فيما رموه به ﷺ إذ لا يخفى على الأغبياء من العجم فضلاً عن بلغاء العرب أن القرآن الذي جاء به ﷺ ليس على أساليب الشعر وهم ما قالوا فيه عليه الصلاة والسلام شاعر إلا لما جاءهم بالقرآن واستخراج ما ذكر ونحوه منه ليس إلا لمزيد فصاحته وسلاسته ولم يؤت به لقصد النظم.
ولو اعتبر في كون الكلام شعراً إمكان استخراج ما ذكر ونحوه منه ليس إلا لمزيد فصاحته وسلاسته ولم يؤت به لقصد النظم.