من الأفاعيل غير مكترثين بما يستتبعه من اللوم فكيف يتوهم أن يتبعهم في مسلكهم ذلك ويلحق بهم وينتظم في سلكهم من تنزهت ساحته عن أن يحوم حولها شائبة الاتصاف بشيء من الأمور المذكورة واتصف بمحاست الصفات الجليلة وتخلق بمكارم الأخلاق الجميلة وحاز جميع الكمالات القدسية وفاز بجملة الملكات السنية الإنسية مستقراً على أقوم منهاج مستمراً على صراط مستقيم لا يرى له العقل السليم من هاج ناطقاً بكل أمر رشيد داعياً إلى صراط الله تعالى العزيز الحميد مؤيداً بمعجزات قاهرة وآيات ظاهرة مشحونة بفنون الحكم الباهرة وصنوف المعارف الباهرة مستقلة بنظم رائق وأسلوب فائق أعجز كل منطيق ماهر كل مفلق ساحر، هذا وقد قيل في تنزيهه ﷺ عن أن يكون من الشعراء : إن اتباع الشعراء الغاوون واتباعه عليه الصلاة والسلام ليسوا كذلك.
وتعقب بأنه لا ريب في أن تعليل عدم كونه ﷺ منهم بكون اتباعه عليه الصلاة والسلام غير غاوين مما لا يليق بشأنه العالي، وقيل : ضمير الجمع للغاوين، وتعقب بأن المحدث عنهم الشعراء، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن الغاوين هم الرواية الذين يحفظون شعر الشعراء ويروونه عنهم مبتهجين به.
وفي رواية أخرى عنه أنهم الذين يستحسنون أشعارهم وإن لم يحفظوها، وعن مجاهد.
وقتادة أنهم الشياطين.
وروى عن ابن عباس أيضاً أن الآية نزلت في شعراء المشركين عبد الله بن الزبعري.
وهبيرة بن وهب المخزومي.
ومسافع بن عبد مناف.
وأبو عزة الجمحي.
وأمية بن أبي الصلت قالوا : نحن نقول مثل قول محمد وكانوا يهجونه ويجتمع إليهم الأعراب من قومهم يستمعون أشعارهم وأهاجيهم وهم الغاوون الذين يتبعونهم.
وأخرج ابن جرير.
وابن أبي حاتم.


الصفحة التالية
Icon