وقال آخر : إن ما فيه فخر مذموم وقليله ككثيره، والحق إن ذلك أن تضمن غرضاً شرعياً فلا بأس به، وللسلف شعر كثير من ذلك وقد تقدم لك بعض منه، وحمل الأكثرون الخبر السابق على ما إذا غلب عليه الشعر وملك نفسه حتى اشتغل به عن القرآن والفقه ونحوهما ولذلك ذكر الامتلاء، والحاصل أن المذموم امتلاء القلب من الشعر بحيث لا يتسع لغيره ولا يلتفت إليه.
وليس في الخبر ذم إنشائه ولا إنشاده لحاجة شرعية وإلا لوقع التعارض بينه وبين الأخبار الصحيحة الدالة على حل ذلك وهي أكثر من أن تحصى وأبعد من أن تقبل التأويل كما لا يخفى.
وما روى عن الإمام الشافعي من قوله :
ولولا الشعر بالعلماء يزري...
لكنت اليوم أشعر من لبيد
محمول على نحو ما حمل الأكثرون الخبر عليه وإلا فما قاله شعر، وفي معناه قول شيخنا علاء الدين علي أفندي تغمده الله تعالى برحمته مخاطباً خاتمة الوزراء في الزوراء داود باشا من أبيات.
ولو لداعيه يرضي الشعر منقبة...
لقمت ما بين منشيه ومنشده
هذا وسيأتي إن شاء الله تعالى كلام يتعلق بهذا البحث أيضاً عند الكلام في قوله تعالى :﴿ وَمَا علمناه الشعر وَمَا يَنبَغِى له ﴾ [ يس : ٦٩ ] له ومن اللطائف أن سليمان بن عبد الملك سمع قول الفرزدق :
فبتن بجانبي مصرعات...
وبت أفض أغلاق الختام