سيد ضحكه التبسم والمشي الهوينا ونومه الإغفاء واللهوات اللحمات المشدقة على الحلق أو التي ما بين منقطع أصل اللسان إلى منقطع القلب في أعلى الفم، مفرده لهاة، قالوا ثم إن سليمان حبس جنوده أي أوقفهم ومنعهم من مداومة السير، وأمر بإهباط البساط، فنزل على شفير الوادي، لأنه لو أهبطه فيه لتحطم النمل لعظمه وثقله، وانتظر حتى دخل النمل كله مساكنه فلم تكسر منه واحدة، ثم حمد اللّه وأثنى عليه "وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي" كفني عن كل شيء مؤذ وامنعني من كل شيء مضر، ووفقني "أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ" من قبل "وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ" لأن العمل مهما كان حسنا إذا لم يرضه اللّه لا يعد شيئا، والعمل الطيب الخالص لوجهه السالم من الرياء وشوائبه هو المرضي عند اللّه "وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ"
١٩ من آبائي إبراهيم وإسماعيل ومن قبلهم، ثم أمر العسكر بالنزول إلى الوادي، فاصطف كعادته وسار وركب هو البساط وأمر ملأه فركب حوله كهيئته المارة، ثم نظر إلى الطير المحلق فوقه فرأى كوة بينه "وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ" ليعلم الغائب منه، لأنه إذا حلق فوق البساط لم يترك كوة ينفذ منها شعاع الشمس على من فيه "فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ" إذ عرفه أنه هو الغائب الذي سبب وجود الكوة ونفوذ الشمس، ربما أن الهدهد له أهمية بالنسبة لغيره عدا سد الكوة لأنه الدليل على الماء إذ يعرف بتعريف اللّه إياه الأرض التي فيها الماء وقربه وبعده فيها بمجرد نظره، فيرى الماء داخلها كما يرى الناس الماء في الزجاجة وكما يرى القرلي السمك بأرض الأنهار وهو عائم فوقها، فيسقط ويأخذها.
سبحان من أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ولما تحقق عند سليمان غياب الهدهد قال "أَمْ" بل "كانَ مِنَ الْغائِبِينَ" ٢٠


الصفحة التالية
Icon